كتاب الصيام من دليل الطالب

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1352

التاريخ : 2018-05-08 16:49:28


 

قال -رحمه الله-: (ويُباح)، هذا ثالث الأحوال التي ذكرها من الأحكام.

الحالة الأولى: التحريم، في قوله: (يحرم على من لا عذر له الفطر في رمضان).

الحالة الثانية: وجوب الفطر، وتحريم الصوم، وهو: (يجب الفطر على الحائض والنفساء).

الحالة الثالثة: السنية.

في الوجوب ذكر ثلاثة أحوال: الحائض والنفساء، ومن يحتاج للفطر لإنقاذ معصوم.

السنية ذكر فيها حالين: السفر الذي يُباح له فيه القصر، والمرض الذي يخاف فيه من الضرر.

الحالة الرابعة: الإباحة، إباحة الصوم والفطر.

قال: (ويُباح لحاضرٍ سافر في أثناء النهار).

(يُباح لحاضر): أي الفطر، والحاضر هو المقيم سواء كان مستوطنًا أو مقيمًا؛ لأن الفقهاء يقسمون الحاضر إلى قسمين:

مستوطن: وهو من تأهل البلد وتوطنه.

والمقيم: هو من بقي في مكان أكثر من أربعة أيام، على ما تقدم فيما يتعلق برخصة القصر.

فالحاضر يشمل اثنين: المستوطن والمقيم.

(ويباح لحاضرٍ سافر في أثناء النهار)، سواء في أوله، أو أوسطه، أو آخره، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يُباح له الفطر.

والدليل لذلك: ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في فطره لما قيل له: "إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، وَإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَشَرِبَ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَأَفْطَرَ بَعْضُهُمْ، وَصَامَ بَعْضُهُمْ، فَبَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا، فَقَالَ: «أُولَئِكَ العُصَاةُ».

ولا نعلم هل هو كان حاضرًا فسافر، أم أنه كان صائمًا في أثناء سفره، والذي يظهر والله تعالى أعلم: أنه كان صائمًا في أثناء سفره؛ لأن المكان الذي ذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أفطر فيه يبعد عن المدينة، ولا يوصل إليه في العادة خلال نصف نهار، أو ما أشبه ذلك من المسافة، وهو قراع الغميم، منطقة بين مكة والمدينة.

فالذي يظهر: أنه كان من أيام صيامه التي صامها أثناء السفر.

وهذه المسألة خالف فيها جماعة من الفقهاء، فقالوا: إنه لا يُباح الفطر لحاضر سافر في أثناء النهار، بل من شرع في الصوم وجب عليه إتمامه، ولا يجوز له الفطر لأجل السفر.

والعذر إنما لمن كان مسافرًا من الليل من أول النهار، يعني من الليلة السابقة، فلم يشرع بصيام أصلًا، أما من شرع بصوم وجب عليه إتمامه.

والصواب: ما ذكره المؤلف رحمه الله.

  

  

ويدل له حديث عبيد بن جبير في السنن قال: «رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ سَفِينَةً مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ، فَدَفَعَ فَقَرَّبَ غَدَاءَهُ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَرِبْ، فَقُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ؟ فَقَالَ أَبُو بَصْرَةَ: «أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأكل».

فدلَّ ذلك على أن الأكل في هذه الحال مشروع، وهو أن يُفطر بعد شروعه في السفر، وإن كان قد أصبح صائمًا.

واستدل بعض الفقهاء أو بعض العلماء المعاصرين بهذا الحديث: على جواز أن يُفطر الإنسان الذي نوى السفر قبل مفارقته بلده، واستدلوا لهذا بأن أبا بصرة أمر بتقريب الطعام قبل أن يجاوز البيوت، ثم دعا بالسُّفرة، وقال له صاحبه: ألست ترى البيوت؟

والصواب: أن هذا لا دليل فيه؛ لأن الرجل ركب سفينةً، والسفينة خارج عامر البلد، وقد غادر، مثل ما لو ركبت طائرة وترى البيوت تحتك أو قريبة منك، أو حتى في السيارة ترى بالمرآة عامر البلد وراءك، هذا لا يعني أنك لم تسافر، ولا يعني أنك داخل البلد، قد ترى البيوت وأنت خارج عن البلد.

فليس فيه دليل على أن الإنسان يترخص برخص السفر قبل سفره، بل لا أعلم خلافًا معتبرًا في عدم جواز الترخص برخص السفر قبل مفارقة البلد؛ لأن الله تعالى قال في رخصة قصر الصلاة وهي الأصل في رخص السفر، قال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِالنساء:101.

  

  

 ولا يسمى ضاربًا في الأرض إلا إذا فارق عامر بلدته، وكذلك الفطر في السفر، والآية واضحة في قوله: ﴿عَلَى سَفَرٍ﴾، و"على" تفيد التمكن من الوصف، ولا يكون متمكنًا من الوصف إلا بالخروج، أما النية: فالنية قد تتغير وتتبدل.

اليوم بالنسبة للمطارات التي خارج عامر البلد: لا ريب أنها في حكم السفر، مطار القصيم على سبيل المثال، مطار الرياض، وما أشبه ذلك من المطارات التي هي خارج عن البلدان وعامرها، هذه سفر، من خروجه من عامر البلد سفر، يحل له الفطر، ولو كان قبل الإقلاع.

أما ما كان من المطارات في وسط البلدان: فالذي يظهر والله تعالى أعلم أنه لا يكون مسافرًا إلا إذا أقلعت الطائرة.

وأما كونه في المطار: فاحتمال أن تتأخر الرحلة، احتمال تُلغى، الاحتمالات واردة، وهو لم يغادر عامر بلدته.

فالمغادرة عندما يفارق عامر بلدته؟ إذا أقلعت الطائرة نحو العلو؛ لأن المفارقة تكون في كل الجهات، تكون في الجهات الأربع المحيطة، وفي جهة العلو، فهو نوعٌ من المفارقة إلى عامر القرية إلى جهة العلو.

فبالتالي يُفرق في المطارات بين المطارات التي في داخل عامر البلد، والتي خارجها.

  

  

قال -رحمه الله-: (ولحاملٍ ومرضعٍ خافتا على أنفسهما).

أي: وُيباح الفطر والصوم لحامل ومرضع، لكن المقصود الفطر؛ لأنه ذكر المبيح، وهو: (خافتا على أنفسهما)، ففُهم أن المقصود يُباح، أي يُباح لهما الفطر.

لحامل: وهي كل من كان في بطنها جنين، في أول الحمل، وأوسطه، وآخره.

ومرضع: وهي التي ترضع، سواء في أول المدة أو في آخرها.

المبيح: هو الخوف على أنفسهما، وهذا أحد موجبات الفطر.

الدليل: على هذا قوله تعالى:﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍالبقرة:184، وهذان ملحقان بالمريض؛ لأن الخوف على النفس هو كخوف المرض أو خوف الهلاك، فهو مبيح للفطر.

ولذلك قال ابن قدامة: «لا نعلم فيه خلافًا».

فإذا خافتا على نفسيهما: حلَّ الفطرُ.

وقد جاء في ذلك حديثٌ: وهو ما جاء في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وُضع عن المسافر شَطْرُ الصلاة والصوم، وعن الحامل والمرضع»، أي الصوم، وهذا أصلٌ في الرخصة للحامل والمرضع.

وما ذكره بعض الفقهاء من الاستدلال بحديث ابن عباس: أن قوله تعالى ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾[البقرة:184] كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام، أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما، أفطرتا، وأطعمتا.

الحديث هذا فيه إشكال من جهة أن اختصاره أخرجه عن معناه الثابت المحفوظ عن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنه-.

والدليل الآخر الذي في السنن يكفي في إثبات الحكم، والإجماع منعقد على ذلك.

ماذا يجب على الحامل والمرضع بفطرهما؟

إذا أفطرتا خوفًا على نفسيهما: وجب عليهما القضاء بالاتفاق.

بقي حالان فيما يتعلق بالمرضع والحامل: وهما إن أفطرتا خوفًا على ولدهما، والثاني خوفًا على أنفسهما وولديهما.

أما إن كان خوفًا على أنفسهما وولديهما: فهو ملحق بالقسم الأول، وهو إذا أفطرت تخاف على نفسها، فهنا يجوز الفطر ويجب القضاء.

أما إذا أفطرتا خوفا على ولديهما: فهنا أوجب جماعة من الفقهاء مع الفطر الإطعام، والذي يظهر والله تعالى أعلم أنه ليس ثمَّة ما هو ثابت في الإطعام، إنما هي أقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

وجاء عن ابن عمر وابن عباس: أن الإطعام يقوم مقام الصيام، يعني الواجب عليهما الإطعام فقط دون الصيام، فلا قضاء عليهما، وهو خلاف ما عليه جماهير العلماء من وجوب القضاء، وأضاف بعضهم الإطعام.

والصواب: أنه لا يجب في كل الأحوال الثلاثة، بالنسبة للحامل والمرضع: إلا القضاء؛ لأنه الذي دلت عليه الأدلة، ووجوب الإطعام عِوض في حال العجز، فلا يجمع بينه وبين الأصل.

وما جاء عن الصحابة في ذلك يمكن أن يُحمل على وجه الاستحباب، وليس على وجه الوجوب والإلزام.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق