الرابع من المفطرات التي ذكرها المؤلف رحمه الله: (العزم على الفطر): العزم: أي النية، نية الفطر. والفقهاء يذكرون في هذا: "أنه من نوى الفطر أفطر" ومعنى من نوى الفطر أفطر: أي من عزم على أن يفطر فإنه يفطر بنيته.
هذا ما ذكره فقهاء الحنابلة، ووافقهم عليه فقهاء الحنفية مع تفصيلٍ عندهم فيما يتعلق بالفطر بالنية، أما فقهاء المالكية والشافعية فإنهم لا يرون للفطر بالنية أثرًا، فإن النية لا تكفي في الفطر عندهم، بل لا بد من فعل.
فقوله رحمه الله هنا: (العزم على الفطر) أي: نية الفطر، وهذا في حق من عزم عليه بنيةٍ جازمة بأن نوى الفطر، أو نوى قطع الصيام ولو لم ينوِ الفطر، يعني: نوى قطع نية الصوم ولو لم يأمل شيئًا، أو نوى الفطر بأن عزم على أن يفطر على شيءٍ معين، فقوله: (العزم على الفطر) يعني: جمع القول على الفطر.
قوله: (نص عليه الإمام أحمد رحمه الله): إشارة إلى أنه مما نُقل عنه رحمه الله، وسبب ذكر هذا: أن المفطر الذي يليه لم يأت بالنص، إنما أُخذ بالمعنى من كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال: (التردد فيه): السؤال فيما يتعلق بالعزم على الفطر، أنه من نوى الفطر أفطر؛ والسبب في هذا: أن الصيام مركب من حقيقتين: من نيةٍ وإمساك، فإذا خلا الصوم عن أحدهما لم يكن هذا صيامًا، ولذلك إذا أفطر ولو أدام النية لم يكن صائمًا، وكذا لو أمسك ولم تكن نية لم يكن صائمًا، فلا بد من توافر هذين.
قال: (التردد فيه) أي: التردد في نية الاستمرار في الصيام، هذا من المفطرات، والذي يظهر والله تعالى أعلم أنه ليس مفطرًا حتى يجزم ويعزم على الفطر، لكن إن كان التردد قبل الشروع فهذا أصلًا لم يبيِّت النية، وبالتالي لا يكون صائمًا أصلًا، فالتردد له موضعًا.
الذي يتحدث عنه المؤلف: "التردد أثناء الصيام"، أما إذا كان التردد سابقًا للصوم فإنه لا يجزئ فيما يجب فيه تبييت النية، أما إذا كان التردد أثناء الصوم، فإن كان ترددًا مال فيه إلى الفطر فإنه مفطر، وأما إن كان ترددًا لم يجزم فيه على شيء ففي هذه الحال لا يكون مفطرًا؛ لأن الأصل بقاء الصوم وبقاء النية المتقدمة.
