كتاب الصيام من دليل الطالب

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2058

التاريخ : 2018-05-08 17:16:33


أما تاسع ما ذكره المؤلف من المفطرات:(الحجامة): والحجامة هي إخراج الدم من البدن بالتشريط على نحوٍ معروف، وهذا من مفردات مذهب الحنابلة، خالفوا فيه الأئمة الثلاثة، فالأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي لا يرون الفطر بذلك، وإن كانوا يرون كراهية الحجامة، لكنهم لا يرون التفطير بها.

وعِلة الحنابلة فيما ذهبوا إليه من التفطير بالحجامة: ما جاء في حديث شداد بن أوس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وكذلك جاء عن ثوبان -رضي الله تعالى عنه- وهما أمثل الأحاديث الواردة في شأن الحجامة، وأما الجمهور فقالوا: إن الحجامة لا تفطر، وإنما هي مكروهة؛ لأجل ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنه احتجم وهو صائم»

ففي الصحيح من حديث عبد الله بن عباس قال رضي الله تعالى عنه: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم"، فدلَّ هذا على أن الحجامة لا تفسد الصوم، ولو كانت الاحتجام يفطر لما فعله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وأما حديث شداد بن أوس، وحديث ثوبان وغيرهما من الأحاديث التي فيها الفطر بالحجامة، فإن الجمهور أجابوا عنها بأنها أحاديث منسوخة بحديث ابن عباس وحديث أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه، وهو عند الدارقطني بإسنادٍ لا بأس به قال: «أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ , فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ» , ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ»، فقالوا: هذا حديثٌ ناسخٌ لحديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» إذ أنه بيَّن أن ذلك كان في أول الأمر ثم نُسخ.

وأجابوا أيضًا من جهةٍ أخرى: أن قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم» ليس فيه إثبات الفطر بالحجامة، بل يحتمل أن يكون الفطر لسببٍ آخر، وذكروا جملة من الأقاويل، وهذا من الجواب الضعيف؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أناط الحُكم باسم مشتق من معنى؛ وهو الحجامة، فيجب أن يتعلق الحُكم بذلك المعنى، ولو علقناه بغير هذا المعنى كان خلاف ظاهر اللفظ، ولذلك فلا يجوز أن  يُعلق بمعنًى غير الذي علق به النبي -صلى الله عليه وسلم- الحُكم، فهو الوصف المناسب لإثبات الحكم.

والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أفطر الحاجم والمحجوم» تنبيه إلى أن الحجامة قد تُفضي بالحاجم والمحجوم إلى الفطر، فهي قد تُضعف فيكون ذلك سببًا للفطر، تضعف المحجوم فيكون ذلك سببًا للفطر، وقد يتطاير شيءٌ مما يمصه الحاجم فيكون سببًا لفطره.

ولهذا سُئل أنس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ فقال: لا، إلا من أجل الضعف: يعني: أن الذي جاء من النهي والكراهية إنما  لأجل الضعف، وهو خوف ضعف المحجوم الذي قد يؤدي به إلى الفطر.

وجاء في سنن أبي داود بإسنادٍ لا بأس به عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال: "حدثني رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن النبي نهى عن الحجامة والمواصلة، ولم ينه عنهما إلَّا إبقاءً على أصحابه" وهذا تأكيد للمعنى الذي ذكره أنس رضي الله تعالى عنه، وأن النهي إنما لأجل الإبقاء على أصحابه.

ولهذا الراجح فيما يتعلق بالحجامة: أن الحجامة ليست مفطرة للصائم، كما هو مذهب جمهور العلماء، ولكنها مكروهة، ينبغي تركها؛ خشية أن تفضي إلى ضعف المحجوم، أو إلى إفساد صوم الحاجم؛ بتطاير شيء إلى جوفه.

قوله: (الحجامة خاصة): المقصود بهذه الجملة: إخراج جميع الوسائل الأخرى التي يُستخرج بها الدم؛ كالفصد، والخروج الطبيعي كالرّعاف، أو الخروج بسبب جرح ونحو ذلك. فقول: (الحجامة خاصة) لإخراج الصور الأخرى التي يُستخرج بها الدم؛ كالفصد، ومثله أيضًا اليوم: تحرير الدم والتبرع به، فإنه لا يفطر، لكن ينبغي للصائم أن يتجنبه؛ خشية أن يضعفه ذلك، فيفضي إلى فطره.

ولكن الحجامة على المذهب: هي التي يتعلق بها الحُكم؛ لورود النص بها؛ ولأن الضعف الحاصل بها ليس كغيره من وسائل استخراج الدم

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق