شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2426

التاريخ : 2018-09-18 07:53:31


أما بعد الموت فيقول المصنف –رحمه الله- في شأن الرؤية يوم القيامة.

"يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة، ثم يرونه بعد دخول الجنة كما يشاء الله سبحانه وتعالى"

هذا البيان من المؤلف –رحمه الله- بيَّن بعد أن المؤمنين وغيرهم يرون ربهم يوم القيامة بين مواضع الرؤية.

  

رؤية تكون في أرض المحشر في عرصات القيامة وهذه رؤية تعريف يعرف بها المؤمنون ربهم.

وأما الرؤية الثانية فهي رؤية المؤمنين لله في الجنة وهي رؤية تنعيم نسأل الله أن يبلغنا وإياكم فضله وأن يجعلنا من أهل النظر إلى وجهه الكريم في مستقر رحمته.

فالرؤية نوعان وقد أشار إلى ذلك المؤلف في قوله: "يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة" يعني في أرض القيامة في أرض المحشر التي يجمع فيها الأولون والآخرون ثم يرونه بعد دخول الجنة أي يراه المؤمنون إذا دخلوا الجنة.

أما الرؤية التي تكون يوم القيامة نعيمًا لأهل الجنة فقد جاء فيها جملة من الأحاديث منها حديث صهيب رضي الله تعالى عنه الذي فيه قول الله –عز وجل- لأهل الإيمان إذا دخلوا الجنة «يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه يعني أن يوفيكم إياه فيقولون ما هو؟ وقد بلغوا في النعيم أقصى ما يأملون وفوق ما يتصورون فيها ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يقولون: ألم يبيض وجوهنا، ويثقل موازيننا، ويدخلنا الجنة، ويجيرنا من النار» تلك عطايا وهبات ونفحات، كرم من الكريم المنان جل في علاه.

فيقول: ماذا ننتظر بعد هذا؟ وقد بلغنا من العطاء ما ذكروا من كامل عطائه جل في علاه فيكشف الحجاب وهو الحجاب الذي بين الله وبين خلقه، حجابه النور لو كشفه جل في علاه لأحرقت سبحات وجهه، أي: أنوار وجهه ما انتهى إليه بصره سبحانه وبحمده، ولهذا لم يقم الجبل لما تجلى له الرب جل في علاه كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا[الأعراف: 143] فليس في الخلق قدرة على القيام بأنوار وجهه، لكن يوم القيامة يهب الله تعالى أهل الإيمان من القوة ما يتمكنون به من التنعم بنظرهم إليه سبحانه وبحمده فحال الآخرة مختلفة عن حال الدنيا.

  

فَتَجَلِّيه للجبل في الدنيا جعله دكا، ولكنه في الآخرة يتجلى لعباده فيكون ذلك من نعيمه وإحسانه وفضله على عباده سبحانه وبحمده، وهذه الرؤية رؤية تنعيم وإكرام وإفضال على العباد، أما الرؤية التي تكون في المحشر فقد ثبت ذلك في حديث أبي سعيد الخضري وحديث أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن الله تعالى يتجلى لعباده في القيامة، يتجلى لعباده يوم القيامة فيراه المؤمنون والمنافقون، وهذا التجلي ليس فيه تنعيم بل هو تعريف يراه المؤمنون وغيرهم في عرصات يوم القيامة ليعرفوا ربهم جل في علاه. ولذلك عندما ينادي منادي ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيتبع الذين يعبدون القمر القمر، والذين يعبدون الشمس الشمس، والذين يعبدون الأصنام يخيل لهم ما كانوا يعبدونه من الأصنام فيتبعونه فيلقون في النار نعوذ بالله من الخذلان. تبقى هذه الأمة وغبرات من أهل الكتاب وفيها منافقوها فيأتيهم الله –عز وجل- فيقول: «ما تنتظرون؟» فيقولون: ننتظر ربنا. حين ذلك يكشف عن ساق، ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، من الذي لا يستطيع السجود؟ هم أهل النفاق لا يتمكنون من السجود، أما أهل الإيمان فيعرفون ربهم فيسجدون له سبحانه وبحمده إجلالًا وتعظيما ثم يجيزون الصراط. وهذا ما يكون من رؤيته في عرصات يوم القيامة.

  

العلماء في هذا لهم قولان، لكنهم متفقون على أن رؤية الكافر لربه يوم القيامة - على القول بثبوتها - ليست رؤية تنعيم، هذا لا خلاف بين أهل العلم فيه أن رؤية التنعيم والإكرام لا تكون إلا لأهل الإيمان، وأما ما جاء من أن الكفار يرون الله –عز وجل- فهي رؤية عقوبة ورؤية تحسين واستدلوا لذلك بقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ[المطففين: 15] والحجب لا يكون إلا بعد رؤية فيرونه ثم يحجب عنهم، يرونه رؤية تعريف ثم بعد ذلك يحجب عنهم فلا يكونون من العذاب أشد عليهم من احتجابه عنهم سبحانه وبحمده.

ولذلك لما ذكر عذابهم ذكر في أول ما ذكر حجبهم عنه ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ[المطففين: 15] ولهذا قال العلماء: إنه لا يطلق القول برؤية الكفار ربهم، يعني لا يقال على وجه الإطلاق أن الكفار يرون الله –عز وجل- لأن إطلاق هذا اللفظ لا يكون إلا على رؤية التنعيم والإكرام وهذه لا تكون لأهل الكفر والإلحاد إنما تكون لأهل الإيمان.

هذا ما يتصل بهذه المسألة مسألة رؤية المؤمنين لله –عز وجل- وأقسامها؛ فالرؤية تنقسم إلى قسمين؛ رؤية تعريف وهذه أين؟ في عرصات يوم القيامة في أرض المحشر، ورؤية تنعيم لا تكون إلا في الجنة.

  

الجواب على هذا أن أهل الجنة عندما يقولون لهم: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه ماذا يقولون؟ يقولون: ألم يبيض وجوهنا؟ ألم يثقل موازيننا؟ ألم يدخلنا الجنة؟ ألم ينجينا من النار؟ ولم يذكروا ألم يجعلنا نراه فدل هذا على أن الرؤية التي في أرض المحشر ليست رؤية تنعيم بل هي رؤية تعريف.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق