شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1189

التاريخ : 2018-09-18 08:19:29


قال –رحمه الله- في أول ما ذكر مما يتعلق بالإيمان باليوم الآخر: الإيمان بفتنة القبر وهي أول المنازل التي تكون بعد موت الإنسان عندما يؤويه قبره يقول المؤلف –رحمه الله-.

"فيؤمنون بفتنة القبر".

هذا هو أول ما يتعلق بمسائل الإيمان باليوم الآخر؛ الإيمان بفتنة القبر، والفتنة في لغة العرب هي: الاختبار والامتحان والابتلاء، ولها استعمالات أخرى ﴿الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ[العنكبوت: 1- 2] أي: لا يُختبرون. وقال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً[الأنبياء: 35] أي اختبار وامتحان.

  

فقوله –رحمه الله-: "يؤمنون بفتنة القبر" أي بالامتحان الذي يكون في القبور، والامتحان الذي يكون في القبور جاءت به الأخبار وجاء بيانه في أحاديث متواترة كما ذكر المؤلف –رحمه الله- عن جماعات من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لذلك فهو عقيدة أهل السنة والجماعة؛ فالإيمان بفتنة القبر جاءت به الأخبار عن البراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وغيرهم من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- فهو مما ثبت واشتهر.

  

وقد جاء في أحاديث سيأتي ذكر بعضها وذكر ما فيها من تفاصيل، من ذلك ما في الصحيحين من حديث قتادة عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وأنه ليسمع قرع نعالهم» صوت خطاهم ومشيهم إذا انصرفوا «أتاه ملكان فيقعدانه أي فيجلسانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل؟» هذا الاختبار لمحمد –صلى الله عليه وسلم- «فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله وأما المنافق ورسوله فيقول: ها ها لا أدري لقد سمعت الناس يقولون قولًا فقلته فيقال له: لا دريت ولا تليت».

هذا هو الاختبار وحديث أنس تضمن ذكر شيء من هذا الاختبار وهو سؤالهم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

إذًا فتنة القبر هي: الامتحان والاختبار للميت حين يسأله الملكان اللذان يأتيان إليه إذا قُبِر وقوله –رحمه الله-: "يؤمنون بفتنة القبر" القبر هو مدفن الموتى وأضيفت الفتنة إلى القبر لأنه لا يكون إلا فيها في غالب حال الناس.

  

لكن لا يعني هذا أن الميت إذا لم يُقبر لا تجري عليه هذه الفتنة، بل هذه الفتنة جارية في حق جميع الأموات سواء أكانوا ممن قُبِر أو ممن لم يُقْبَر كمن يُحرق مثلا، أو تأكله السباع، أو يغرق فتأكله الطيور أو ما إلى ذلك من أوجه الأحوال التي تعتري الموتى دون أن يقبر فأضيفت الفتنة للقبر لأنه حال أغلب الناس من المؤمنين والكافرين أن يقبروا؛ فإن هذا مما جرى عليه عمل البشر في الدنيا كلها أن يدفنوا بعد موتهم. وكان ذلك بتعليم الله –عز وجل- بني آدم كيف يواروا يواروا أبدانهم إذا هلكوا وماتوا.

  

وهذه الفتنة عامة للمكلفين كلهم فجميع المكلفين يسألون في قبورهم ويفتنون؛ هكذا دلت الأدلة فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- في حديث البراء وفي حديث أبي هريرة وغيرها قال –صلى الله عليه وسلم-: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه» وهذا يشمل كل مقبور إذا وضع في قبره صغيرا كان أو كبيرا ذكرًا كان أو أنثى، بارًّا كان أو فاجرا؛ ولذلك قال العلماء: إن فتنة القبور جارية على جميع المقبورين إلا النبيين.

  

فاختلفوا في الصغير والمجنون هل يسأل في قبره أولا؟ على قولين لأهل العلم: فمن أهل العلم من قال: إنهم لا يُسألون لأنهم غير مكلفين وإنما يمتحن المكلف. والقول الثاني وهو قول أكثر أهل العلم من أهل السنة أن الجميع يمتحنون حتى الصغار والمجانين، فيُمتحنون يوم القيامة ويمتحنون في قبورهم بما يناسب حالهم فحال الآخرة مختلف عن حال الدنيا. وأما عن القول بأنهم لا يمتحنون فإنهم يوم القيامة يقام لهم امتحان يُختبرون فيه كما دلت على ذلك الأحاديث في حق من لم تبلغه الرسالة على وجه تقوم به الحجة عليه، فإنهم يمتحنون يوم القيامة وعلى كل حال ففتنة القبر الأصل فيها العموم وما خرج فإنه لابد فيه من دليل ومما استدل به القائلون على أن الفتنة تعم الصغار، أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه صلى على جنازة صغير فقال: اللهم قِه عذاب القبر وفتنة القبر، فدل ذلك على أن الصغير يفتن في قبره أي يختبر.

  

هذا ما يتعلق بهذه الفتنة العظيمة تفصيلها سيأتي فيما يورده المؤلف –رحمه الله- في الأحاديث المتعلقة بعذاب القبر ونعيمه، والعذاب والنعيم يأتيان بعد الاختبار؛ فالاختبار هو أول منازل القبر وأول ما يجري فيه للمقبورين، ثم بعد ذلك ينقسم الناس في أحوالهم إلى قسمين على نحو ما ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما جاء من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال –صلى الله عليه وسلم-: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه مَلَكان، فيقعدانه وينتهرانه فيقولان: من ربك؟ ... حتى يقولا له: ما كنت تقول في ذلك الرجل؟ لمحمد –صلى الله عليه وسلم- فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فينتهرانه مرة أخرى ويعيدان عليه الأسئلة مرة أخرى بشدة وانتهار .. تلك الفتنة، وأما النتيجة فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، ويفسح له في قبره، وأما الآخر وهو المنافق أو الكافر، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟  فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقوله الناس فيقال له: لا دريت ولا تليت. فشل في الاختبار.

"قال: ويضرب بمطرقة من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين" يسمعها يعني كل الخلق من البهائم وغيرهم إلا الإنس والجن فإنهم لا يسمعون هذه الصيحة وهذا نتيجة اختباره وعدم توفيقه فيما جرى من اختبار حيث قال لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، أو قال: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس أي من غير إيمان ولا يقين، فكان المآل أن قيل له: لا دريت ولا تليت ويضرب بمطرقة من حديد فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق