"ثانيًا: التلبية، وهي قول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
ومعنى التلبية: يا رب ألزمُ إجابتك إجابةً بعد إجابة، وهي سنةٌ مؤكدةٌ في إحرام الحج والعمرة".
ما ذكره ثانيًا مما يتصل بالتلبية، فالتلبية هي: قول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وهي شعار الحاج والمعتمر، وهي مِن أهم أذكار مَن قصد البيت الحرام بحجٍّ أو عمرة، وهي زينة الحج، والمشروع فيها أن يرفع الحاج صوته بالتلبية، وتُطلق التلبية على نية الحج والعمرة.
والتلبية وهي قول: لبيك، معناها في اللغة: الإقامة واللزوم. والمقصود بالإقامة واللزوم في قول القائل في خطاب الله لبيك، أنت تخاطب الله أي؛ ربي أقيم على طاعتك وألزم إجابتك، ولما قال: لبيك، وهي صيغة تثنية دلَّ ذلك على أنها إجابة مكررة، وإجابة دائمة، وليست إجابة منفردة يعقبها عصيان ومخالفة، بل هي إجابة يقيم فيها الإنسان على طاعة الله -عز وجل-، ويلزم ما يرضيه -جل في علاه-، وهي إجابةٌ لدعوة إبراهيم التي أمره الله تعالى بها في قوله: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ الحج:27
والتلبية مشروعةٌ في الإحرام بالحج والعمرة بالاتفاق، واختلف العلماء في حكمها، فذهب جمهور العلماء إلى أن التلبية سنةٌ مؤكدة، فلو لم يلبِّ الحاج والمعتمر حتى فرغ من حجه أو عمرته صح حجه وعمرته، وإنما يكون فاته سنة التلبية.
وذهب طائفةٌ من أهل العلم إلى أن التلبية واجبةٌ من واجبات الحج والعمرة، وأن من تركها لزمه دمٌ.
وقال آخرون: بل التلبية ركنٌ.
والصواب من هذه الأقوال ما عليه الجمهور من أن التلبية سنة مؤكدة في حق الحاج والمعتمر.
ويُسن أن يرفع بها الرجال أصواتهم؛ فإن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- كانوا يصرخون بالحج كما جاء في حديث أبي سعيد في صحيح الإمام مسلم صحيح مسلم (1247) . وقد روى البخاري -رضي الله تعالى عنه- عن أنس أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يصرخون بهما أي؛ بالحج والعمرة؛ قال أنس -رضي الله تعالى عنه-: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا" صحيح البخاري (1548) أي؛ بالحج والعمرة ملبين، فيسن رفع الصوت، وقد جاء فيه فضائل عديدة.
وليُعلم أن رفع الصوت بالتلبية مشروعٌ في حق الرجال، وأما النساء فإنهن بالإجماع لا يشرع لهن رفع الصوت عاليًا، وإنما ترفع صوتها بقدر ما تسمع نفسها فإن كان حولها نساء بقدر ما تسمع صاحباتها دون الرفع الذي يبلغ الرجال.