الزكاة من منهج السالكين

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 84

التاريخ : 2025-01-23 10:13:26


بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا والحاضرين وأهل العلم من المسلمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع: السائمة من بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والأثمان، وعروض التجارة).

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قوله -رحمه الله-: (ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع ). وهذا الذي ذكره المصنف -رحمه الله- حكى بعض أهل العلم الاتفاق عليه، وأن الزكاة لا تجب في كل مال، إنما تجب في أموال محددةٍ، جاء بيانها والنص عليها في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

في كتاب الله كقوله -جل وعلا-: { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[سورة: الأنعام، الآية (141).]. وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}[ سورة: التوبة، الآية (35،34).] .

وأما السنة، فالسنة جاءت ببيان الأنصبة في أموال محددة، وما يجب فيها بيانًا، كزكاة بهيمة الأنعام، وكزكاة الحبوب والثمار، وكزكاة النقدين؛ فيقتصر فيما تجب فيه الزكاة على ما جاء به النص، كما أنه جاء في السنة نفي الزكاة عن جملة من الأموال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - قَالَ عَمْرٌو - عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ زُهَيْرٌ يَبْلُغُ بِهِ « لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلاَ فَرَسِهِ صَدَقَةٌ » [صحيح مسلم: باب لاَ زَكَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ، حديث رقم: 2321.]. فاجعلوا ذلك أصلًا في نفي الصدقة عن كل ما يكون مملوكًا ومنتفعًا به  على وجه الاستعمال، لا على وجه النماء.

قوله -رحمه الله-: (ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع ). هذا من تسهيل الشارع على الخلق، حيث أوجبها في هذه الأموال، فلم يوجبها في الأموال التي ترتبط بها ضرورات الناس، وحاجاتهم، كالمنازل، والعقار الذي يحتاجون إليه، ولا في الأواني، لا في الفرش، ولا في اللباس، وكل هذه من المال، لكنها خارجة بالإجماع، فإنه لا تجب الزكاة فيها، وإنما تجب في أصناف محددةٍ بينها الشارع، وقد عدها العلماء رحمهم الله عدًّا.

ذكر المصنف -رحمه الله- أن الزكاة تجب في أربعة أنواع من المال، فقال -رحمه الله-: (إلا في أربعة أنواع ). الدليل على هذا الحصر الاستقراء، الدليل على هذا العدد الاستقراء، وتقدم معنى الاستقراء أكثر من مرة، وهو تتبع النصوص الواردة في المسألة، واستخلاص الحكم منها.

فقوله (إلا في أربعة أنواع ). هذا بيانٌ لما تجب فيه الزكاة بالاستقراء، ثم عد هذه الأموال، طبعًا ما ذكره هو الذي عليه كثيرٌ من الفقهاء، وقال بعضهم: إنها تجب في خمسة أنواع من المال، وسيأتي هذا إن شاء الله تعالى.

عد المصنف هذه الأموال إجمالًا في مقدمة كلامه وحديثه عن أحكام الزكاة.

 فقال الأول: (السائمة من بهيمة الأنعام). السائمة، أي: التي ترعى، ولا كلفة في القيام بها، والعناء، فهذه فيها الزكاة، وهذا من تخفيف الشارع، فالسائمة هي التي ترعى المباح جميع الحول، أو أكثره، هذا تعريف السائمة التي ترعى المباح أو أكثره.

فإذا كان صاحبها يعلفها فإنها لا تجب فيها الزكاة، وعلى هذا تكون بهيمة الأنعام على قسمين من حيث وجوب الزكاة:

• القسم الأول: ما لا تجب فيه الزكاة، وهو ما فيه كلفة على مالكه، من علف وسقيٍ، ورعايةٍ، فهذه لا زكاة فيها؛ لأن النصوص الواردة كما سيأتي بعد قليل، إنما أوجبت الزكاة في السائمة.

• القسم الثاني: السائمة، وهي التي لا كلفة على صاحبها في إمساكها، فهي ترعى الحول أو أكثره، ترعى المباح، فلا كلفة فيه، في القيام بها، وهذه تجب فيها الزكاة كما سيأتي، وهو محل اتفاق.

بل قال بعض أهل العلم "من أنكر وجوب الزكاة في السائمة يستتاب". ذكر ذلك جماعة من أهل العلم، وذلك لكون الإجماع منعقد، على وجوب الزكاة، وهو ظاهر، والذين منعوا الزكاة في عهد أبي بكر رضي الله عنه، إنما منعوها في السائمة فقاتلهم وعدهم مرتدين لما امتنعوا من أداء ما وجب عليهم.

(السائمة من بهيمة الأنعام). بهيمة الأنعام ما هي؟، الإبل، والبقر، والغنم فقط، هذا هو المراد ببهيمة الأنعام، وهو محل اتفاق، فبهيمة الأنعام في كلام العرب لا تطلق إلا على هذه الأصناف الثلاثة على الإبل، والبقر، والغنم، وهذا محل إجماع، وعلى هذا فسائر أنواع البهائم التي يملكها الإنسان لا تجب فيها الزكاة، وسيأتي بيان الشروط التي تشترط في زكاة بهيمة الأنعام.

النوع الثاني من الأموال: (الخارج من الأرض). والمراد بالخارج من الأرض الحبوب والثمار، وقد نص الله تعالى على وجوب الزكاة في الحبوب، فقال: { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[ سورة: الأنعام، الآية (141).]. والذي يحصد هو الزرع، والزرع هو الذي يكون منه الحل، ويلحق به الثمار.

فقد جاءت السنة ببيان الزكاة في الثمار كما قال صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ ».[ صحيح البخاري: باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، حديث رقم: 1413، صحيح مسلم: باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، حديث رقم: 2310.] والوسق هنا: معيار لقياس الحبوب والثمار من النبات، الوسق يقال معيار لقياس قدر الحبوب والثمار.

قال -رحمه الله- الثالث من الأموال: (الأثمان). والأثمان جمع ثمن، والمراد بالثمن هنا ما يتخذ ثمنًا، وهو يطلق على الذهب والفضة، ويسميه كثير من الفقهاء النقدين، يسمي كثير من الفقهاء الأثمان بالنقدين، وقوله: (الأثمان). أعم ليشمل النقدين، ويشمل ما يقوم مقامهما مما اتخذه الناس ثمنًا.

قال: (وعروض التجارة). هذا القسم الرابع أو النوع الرابع من أنواع ما تجب فيه الزكاة من الأموال، قوله: (وعروض التجارة). العروض جمع عرْضٍ، بتسكين الراء، وسميت عروض لأنها تعرض، وإضافتها للتجارة، من بإضافة الموصوف إلى صفته، فهذه العروض متجر بها، فهذا يشمل كل ما أعد للبيع والشراء لأجل الربح من أي نوع كان من أنواع المال.

سواءً كان بهيمة أنعام، كان ثمارًا وحبوبا، كان متاعا، كان عقارًا، كل ذلك يندرج في قوله: (وعروض التجارة). وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

والأدلة على وجوب الزكاة في هذه الأصناف ألمحنا إليه في أثناء الحديث، وسيأتي مزيد بيان في موضع كل نوعٍ من أنواع هذه الأموال.

المال الخامس الذي ذكره بعض الفقهاء: المعدن، وهو ما يستخرج من الأرض، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى والإلماح إليه عند الحديث على أنواع الزكاة وأحكامها، أنواع المال الذي تجب فيه الزكاة وأحكامها.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق