المبيت بمزدلفة للعلماء في حكمه ثلاثة أقوال بعد اتفاقهم على أنه من أعمال الحج ومناسكه.
· فقيل: إنه ركنٌ من أركان الحج.
· وقيل: إنه واجبٌ من واجبات الحج.
· وقيل: إنه سنة من سنن الحج.
هذه هي الأقوال الثلاثة التي ذَكَرها العلماء -رحمهم الله- في حكم المبيت بمزدلفة، وجمهور العلماء على أنَّ المبيت بمزدلفة واجبٌ من واجبات الحج، هذا قول أكثر أهل العلم؛ مستدلين لذلك بما جاء في حديث عروة بن مضرس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ» أخرجه الإمام أحمد (16208)، وأبو داود (1950)، والترمذي (891)، وقال: حسن صحيح. والنسائي (3041)، وصححه ابن خزيمة (2820)، وابن حبان (3850)، والحاكم (1700) .، ولأن الله تعالى أمر فقال: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾[البقرة:198]، والأمر يقتضي الوجوب.
أما من قال: إن الوقوف بمزدلفة ركن استدل بالآية، والآية لا تدل على ذلك، بل تدل على مطلق الوجوب والأمر، لا أنه لا يتم الحج إلا بذلك، واستدلوا أيضًا بما رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من وقف بجمعٍ فقد أدرك الحج ومن فاته فقد فاته الحج» لم أقف عليه؛ ذكره الماوردي في الحاوي (4/ 177) ولم يعزه وهذا الحديث لا يثبت ولا يصح؛ ولذلك جمهور العلماء على أن الوقوف بمزدلفة واجبٌ من واجبات الحج، فإذا لم يتمكن الحاج من المجيء إلى مزدلفة لسببٍ من الأسباب كمرضٍ، أو حبس سيرٍ، أو نحو ذلك من الأسباب التي حالت بينه وبين المجيء إلى مزدلفة فإنه إن كان معذورًا فلا شيء عليه في قول جمهور العلماء، وإن لم يكن معذورًا فعليه دمٌ؛ لأنه ترك واجبًا من واجبات الحج.