شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1660

التاريخ : 2017-12-03 05:05:57


قوله -رحمه الله-: "فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلًا، وأحسن حديثًا من خلقه، ثم رسله صادقون مُصدَّقون بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون".

هذا يشبه أن يكون استدلالًا لصحة طريق أهل السنة والجماعة في التسليم لما جاء عن الله وما جاء عن رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته.

يجب على كل مؤمن أن يُسلِّم للقرآن العظيم وللسنة المُطهَّرة فيما يتعلق بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته والخبر عنه سبحانه وبحمده؛ فإنَّ ذلك الطريق الذي يُوصل إلى العلم بالله ومعرفته على وجهٍ لا يلتبس ولا يشتبه؛ والسبب في هذا: أنَّ الله تعالى في كتابه يخبر عن نفسه، ومَنْ أعلمُ بالله من الله؟! لا أحدَ أعلمُ بالله من نفسه جلَّ وعلا؛ ولذلك يقول: "فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره".

إذًا لا نُؤوِّل ولا نُحرِّف، ولا نعترض على ما جاءت به الأدلة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، لماذا؟ لأنَّ الله يخبر عن نفسه، وهو أعلم بنفسه من غيره سبحانه وبحمده.

والسبب الثاني لوجوب قبول ما أخبر الله تعالى به عن نفسه: أنَّه أصدق قيلًا، فهو أصدق القائلين، وليس في قوله كذب، وإنما يُردُّ الخبر إذا كان يحتمل أن يكون المُخبرُ به كاذبًا، والله تعالى أصدق قيلًا، وأحسن حديثًا.

ثم الوجه الثالث الذي يُوجب التسليم للنصوص وعدم المعارضة لها بوجهٍ من الوجوه: أنها أحسنُ حديثٍ، فليس فوق حسن القرآن حسنٌ، فأحسن الأحاديث القرآن، وحسنه يقتضي سلامة دلالته على المعنى، وأنه لا يلزم على ما تضمَّنته تلك المعاني من دلالاتٍ؛ ظواهر منحرفة أو معانٍ رديئة، إلا ما يتطرق إلى الأذهان من الأوهام الكاذبة والخيالات الفاسدة التي يجب أن تُنزَّه عنها النصوص، وأمّا ما أخبر به عن نفسه فهو أحسن الأخبار وأكملها، ولن يُخبر أحدٌ عن الله -عز وجل- بأحسن مما أخبر به عن نفسه.

إذا هذه ثلاث مُسوِّغات تُوجب قبول خبر الله عن نفسه:

1.   أنه أعلم بنفسه من غيره.

2.   أنَّه أصدق قيلًا، فلا يتطرق إلى قوله كذب.

3.   وأنَّه أحسن حديثًا، فلا يمكن أن يأتي تعبيرٌ أو لفظٌ يُبين عن كمال الله أكمل وأحسن وأفضل من بيان الله عن نفسه جلَّ في علاه.

ولهذا يجب على كل مؤمن أن يقف على ما دلَّ عليه القرآن دون تحريفٍ ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، فإنَّه قول الحق، أعلم بنفسه، وأصدق قيلًا، وأحسن حديثًا، هذا ما يتعلق بالقرآن.

  

وماذا عن السنة؟!

لماذا نقبل ما جاء في السنة ونُسلِّم لما فيها من الخبر عن الله وأسمائه وصفاته جلَّ في علاه؟

الجواب:

نُسلِّم لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق بربه؛ وهو ممدودٌ بالوحي من السماء؛ ولأنَّه أصدق القائلين - صلوات الله وسلامه عليه - من الخلق؛ ولأنَّه أنصح الخلق للخلق - صلى الله عليه وسلم -، ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، فهو أنصح الخلق للخلق؛ ولأنَّه أعظم الخلق بيانًا، فأعطاه الله من جزالة اللفظ، وحسن البيان، وجوامع الكلم ما لا يبلغ أحدٌ عُشر معشاره؛ ولذلك بيانه عن ربه أوفى بيان، وتعريفه بالله أكمل تعريف، فكل من أراد معرفة الله وما له من الصفات والكمالات من غير طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يضرب في عماء؛ لأنه ليس ثمة أكمل من وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لربه؛ لماذا؟

اضبطوا الأسباب:

1.   أنَّه أعلم الخلق بربه.

2.   أنَّه أصدق الخلق.

3.   أنَّه أنصح الخلق للأمة.

4.   أنَّه أفصح الخلق بيانًا.

5.   أضف إلى هذا معنًى خامسًا في موجبات وأسباب وجوب الانقياد لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يُخبر عن ربه: أنَّ الله لا يمكن أن يُقرَّ رسوله على الخبر بخلاف الواقع، فلو أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله بخلاف الواقع لما أقرَّه الله عز وجل على ذلك، بل لبيَّن خطأ ذلك، قال الله -عز وجل-: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ(44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46) [الحاقة44-46]؛ أي: لأنزلنا به ما يتبين به كذبه.

ولهذا لا يمكن أن يترك الله -عز وجل- من يكذب عليه إلا ولا بد أن يفضحه، أعظم الكَذبة على الله هو الدجال، وقد أعطاه الله من الآيات، أعطاه الله من الخوارق ما يُعمي كثيرًا من الخلق عن حقيقته فيتَّبعونه على ضلاله، لكنَّ الله لم يترك الناس في عماء، بل بيَّن لهم ما يعرفون به كذبه وما يتبين به أنَّه ليس بصادقٍ فيما يُخبر عن الله -عز وجل-:

·       وذلك بنقص خِلقته فهو أعور.

·       وأنّه يُكتب بين عينيه "ك ف ر" يراها كل مؤمن.

·       وأنَّ المؤمن إذا قرأ عليه خواتيم أو فواتح سورة الكهف وقاه الله فتنته وتبين له ضلاله.

·       أنَّ الله يُشهد الناس على قتله واضمحلال أمره بعد عُلوه وعظيم فتنته؛ فيقتله عيسى ابن مريم عليه السلام، ولإثبات حقيقة القتل يريهم دمه وقد أصابه عليه السلام حتى يُوقن الناس أنَّه كاذبٌ في دعواه وفيما زوَّره.

ولهذا لا يمكن أن يترك الله أحدًا يضيف إليه كذبًا إلا ولا بد أن يفضحه، ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ(44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ(47) [الحاقة44-47].

هذه خمسة أسباب تُوجب قبول خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يُخبر به عن ربه؛ ولذلك احذر كل تزيينٍ وتنميق وزخرفة للألفاظ والأقوال لصدك عن قبول خبر من لا ينطق عن الهوى، فالذي يصرفك عن إثبات ما أثبته الله لنفسه إنما يدعوك لرد الخبر الصادق الذي أيَّده الله -عز وجل- وأخبر بوجوب قبوله، ﴿مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].

إذًا أهل السنة والجماعة يُقرُّون بكل ما في الكتاب والسنة من الأخبار عن الله من أسمائه وصفاته؛ لأنَّ المُخبر بها أعلم بنفسه من غيره، ولأنَّه أصدق قيلًا، ولأنَّه أحسن حديثًا.

وكذلك رسله هم الأعلم به من خلقه، وهم الأصدق في قولهم، وهم الأنصح لأممهم، وهم الأفصح في خبرهم، وهم لو كذبوا لما تركهم الله، بل لبيَّن كذبهم وضلالهم كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ الآيات [الحاقة: 44 - 47].

>

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق