قال - رحمه الله -: "غير أن التوحيد له قشران". هذا نوع من البسط ومزيد توضيح للتوحيد الذي به سعادة الدنيا والآخرة. والعلماء - رحمهم الله - جَدُّوا واجتهدوا في تقريب العلوم وتيسيرها، وإعانة المتعلمين على إدراك ما ينفعهم في دينهم، وما يبيِّن لهم معالم الصراط المستقيم الذي إذا سلكوه نجوا.
ومن ذلك تقريبه - رحمه الله - للتوحيد بهذا التقسيم؛ حيث قال: "غير أنَّ التوحيد له قشران"، ومقصوده بالقشر هنا هو الغلاف والغطاء الذي يغطي الشيء؛ فالقشر يشبه الجلد بالنسبة للبدن، وبه يُعلم أن القشر هنا ليس شيئًا مستغنى عنه، أو شيئًا يمكن التخلي عنه، بل القشر هنا المقصود به الغلاف، وما هو ظاهر من العمل.
"فالتوحيد له قشران"؛ أي: له ما يظهر مما لا بد أن يؤتى به، ولا قوام للتوحيد إلَّا به تمامًا كالجلد بالنسبة لبدن الإنسان؛ فإنَّه لا غنى للإنسان عن الجلد، فلو أنَّه لم يكن له جلد لكان ذلك موجبًا لهلاكه، وتلفه، وعطبه، فكذلك هذا التقسيم لا يتطرق إليه ما يتوهم من أن القشر هامشي لا يحتاج إليه وقد يستغنى عنه؛ فإنَّ ذلك غير مقصود في كلام المؤلف.