تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1535

التاريخ : 2018-01-23 03:14:21


قال - رحمه الله -: "وإذا تأملت عرفت أن عابد الصنم لم يعبده، إنَّما عبد هواه، وهو ميل نفسه إلى دين آبائه، فيتبع ذلك الميل، وميل النفس إلى المألوفات أحد المعاني التي يعبر عنها بالهوى".

قوله - رحمه الله -: "وإذا تأملت"؛ أي: تفكرت وتدبرت، "عرفت أن عابد الصنم لم يعبده، إنَّما عبد هواه"؛ لأنَّ الذي حمله على عبادة الصنم هواه، وميل نفسه، وشهوته هي التي أوقعته في عبادة هذا الصنم، وبالتالي الصنم نتيجة لمقدمة، فأشار المؤلف إلى المقدمة بغضِّ النظر عن النتيجة التي انتهى إليها هواه؛ فقال - رحمه الله -: "إنَّما عبد هواه"، ثمَّ عاد إلى بيان ما هو الهوى؟ فقال: "وهو ميل نفسه إلى دين آبائه، فيتبع ذلك الميل".

وهذا ما جرى من أبي طالب عندما عرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقول كلمة وهو في سياق الموت يحاج له بها عند الله، قال: «أَيْ عَمِّ قُلْ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أخرجه البخاري (4772)، ومسلم (24) ؛ فكان هذا التكرار للمقالة مانعًا له من أن يقول هذه الكلمة. وقد جاء في بعض الروايات في غير الصحيحين أنَّه قال: «لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ، لَأَقْرَرْتُ عَيْنَكَ بِهَا» أخرجه الإمام أحمد في المسند (9687)، وحسنه الترمذي (3188)، وصححه ابن حبان (6270) ؛ يعني: لو قلتها؛ لأنَّه مقرٌّ بأنَّ محمد بن عبد  الله - صلى الله عليه وسلم - صادق في دعوته، وأنَّه جاء بدين الحق، لكن منعه من ذلك هواه؛ وهو اتباعه لما كان عليه آباؤه.

  

قال: "وميل النفس إلى المألوفات أحد المعاني التي يعبر عنها بالهوى"؛ هنا إشارة إلى أنَّ الهوى قد يطلق فيما لا ذم فيه؛ وهو ما تشتهيه النفس وتحبه، ولو كان من المباحات، ومنه قول عائشة - رضي الله تعالى عنها - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أُرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ» أخرجه البخاري (4788)، ومسلم (1464) ؛ يعني فيما تحبه يا رسول الله. «مَا أُرَى رَبَّكَ»؛ تخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - «إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ»؛ يعني يبلغك ما تحب، ويعطيك ما تميل إليه نفسك، لكن هذا فيما يتعلق بالمحبوبات المأذون فيها.

 

  

وأمَّا عندما يُطلق الهوى في الأصل، فإنَّه يطلق على المذموم من المعاني، وعلى ما يكون من الشرِّ والفساد؛ ولذلك قال - تعالى -: ﴿وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص:26]؛ هذا أعظم ما يصد عن التوحيد، وهو أول ما ذكره المؤلف - رحمه الله - في جملة ما ذكر مما يصد عن التوحيد.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق