تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1617

التاريخ : 2018-01-24 04:29:36


قال - رحمه الله -: "وقد علَّم الله - سبحانه وتعالى - عباده كيفية مباينة الشّرك في توحيد الإلهيَّة، وأنه تعالى حقيق بإفراده وليًّا وحكمًا وربًّا، فقال – تعالى -:  ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾[الأنعام:14]، وقال: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾[الأنعام:114]، وقال: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا﴾[الأنعام:164]، فلا وليَّ ولا حَكَمَ ولا ربَّ إلا الله، الذي من عدل به غيره فقد أشرك في ألوهيَّته ولو وحَّد ربوبيَّته".

هذا الكلام يقوله - رحمه الله - في بيان ما الذي تتحقق به السلامة من الشرك، قال: "وقد علَّم الله - سبحانه وتعالى - عباده في كتابه، وما جاء به رسوله كيفية مباينة الشرك في توحيد الإلهية"؛ أي: كيف يسلمون من الشرك في توحيد العبادة.

فتوحيد الإلهية: هو إفراد الله - تعالى - بالعبادة، وأنَّه - تعالى - حقيق بإفراده وليًّا، وحكمًا، وربًّا؛ أي أنَّه - جلَّ وعلا - جدير، وهو حري، وهو أهل أن يفرد بالولاية، والحكم والربوبية، قال الله - تعالى - في إفراده بالولاية: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾ [الأنعام:14]؛ أي: أطلب ناصرًا، ومحبوبًا؟! ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الأنعام:14]، فكيف تطلبون هذا مني؛ وهو أن أسوي غير الله بالله في طلب النصرة، وفي المحبة؟!

فالولاية تقتضي معنيين؛ المحبة، والنصرة، فالله - تعالى - يأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخاطب المشركين ﴿قُلْ﴾ [الأنعام:14]؛ يعني يا محمد ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾[الأنعام:14]؛ أي: أُصير غير الله محبوبًا كمحبة الله، وأطلب من غير الله النصر، كما أطلبه من الله - جلَّ وعلا -، وهو سبحانه الذي له المحبة التامة، وهو - جلَّ وعلا - الذي يأتي النصر منه؛ ولذلك قال: ﴿فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الأنعام:14]؛ فهو - جلَّ في علاه - خالق السماوات والأرض، ومن كان هذا شأنه، فإنه لا يمكن أن يطلب من غيره - جلَّ وعلا - نصر، ولا أن تصرف محبة، فالاستفهام في قوله: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ﴾[الأنعام:14]؛ استفهام إنكار، أمر الله - تعالى - رسوله أن يستفهم من المشركين استفهامًا إنكاريًّا؛ حيث طلبوا منه أن يتخذ وليًّا غير الله، قل: أغير الله أتخذ وليًّا ناصرًا، معبودًا، محبوبًا سواه؛ وهذا لا يمكن أن يكون.

ثمَّ قال في الآية الثانية: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾[الأنعام:114]؛ أي: أتطلبون مني أن أطلب الحكم من غير الله - عزَّ وجلَّ - من هذه الأصنام، أو من هذه المعبودات، فإنَّه لا حكم إلَّا لله - عزَّ وجلَّ - كما قال الله - جلَّ وعلا -: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[المائدة:50]، وقد قال - جلَّ وعلا -: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:65].

فمقتضى توحيد الله - عزَّ وجلَّ - أن يكون هو - سبحانه وبحمده - المشرع الذي يُصار إلى حكمه؛ فإنَّ حكمه غالب على كل حكم - سبحانه وبحمده -، وكما أنَّه الحاكم قدرًا، فهو الحاكم شرعًا ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾[الأعراف:54].

قال بعد ذلك: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا﴾[الأنعام:164].

  

وكلُّ هذا يبيِّن أنَّه لا يتخذ غيره - جلَّ وعلا - معبودًا؛ فإنَّه الرب - سبحانه  وبحمده - الذي يجب إفراده بالولاية، فهو الولي والحَكَم، فله الحُكْم - جلَّ وعلا -، والربوبية؛ فلا ربَّ غيره؛ ولذلك يقول المصنف - رحمه الله -: "فلا وليَّ، ولا حَكَم، ولا ربَّ إلَّا الله الذي من عدل به"؛ أي: سوى غيره به "فقد أشرك في إلهيته ولو وحد ربوبيته"؛ وهذا بيان أنه قد يقع من الإنسان توحيد الربوبية لكنه لا يأتي بما يجب من إفراد الله بالعبادة، فيسوي غير الله بالله في المحبة، في طلب النصرة، في غير ذلك من مقتضيات إلهيته - سبحانه وبحمده -؛ ولهذا قد يقول قائل: إنَّ "لا إله إلَّا الله"؛ معناها: لا ربَّ إلَّا الله؛ وهذا قصور في معنى الإلهية؛ فإنَّ لا إله إلَّا الله ليست هي لا ربَّ إلَّا الله، بل المشركون كانوا يقرُّون بأنَّ الله هو الرب، وأنَّه لا ربَّ سواه - سبحانه وبحمده -، لكنهم لمم يقروا بأنَّه المستحق للعبادة وحده لا شريك له.

"فلا وليَّ، ولا حكم، ولا ربَّ إلَّا الله الذي من عدل به غيره، فقد أشرك في إلهيته ولو وحد ربوبيته".

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق