قال - رحمه الله -: "وربوبيَّته سبحانه للعالم الربوبيَّة الكاملة المطلقة الشاملة تبطل أقوالهم؛ لأنها تقتضي ربوبيَّته لجميع ما فيه من الذوات والصفات والحركات والأفعال.
وحقيقة قول القدرية المجوسية: أنَّه تعالى ليس ربًّا لأفعال الحيوان ولا تتناولها ربوبيَّته؛ إذ كيف يتناول ما لا يدخل تحت قدرته ومشيئته وخلقه".
قال - رحمه الله -: "وربوبيته سبحانه للعالم الربوبية الكاملة المطلقة الشاملة تبطل أقوالهم"، والله - عزَّ وجلَّ - قد أخبر في القرآن عن ربوبيته لكل شيء؛ قال الله - تعالى -: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الفاتحة:2]، والعالمون جمع عالم، والعالم هو كل ما سوى الله - عزَّ وجلَّ - فهو عالم، فكل ما سوى الله مربوب له، مخلوق له، تحت ملكه وتدبيره وتصريفه، لا يخرج عن تقديره - جلَّ في علاه - ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾[مريم:93]، وقد قال الله - جلَّ وعلا -: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[الزمر:62]؛ فما من شيء يخرج عن خلقه - سبحانه وبحمده -.
فربوبية الله - عزَّ وجلَّ - للعالم كله تنقض هذه المقالة؛ وهي أنَّ الله لم يخلق أفعال العباد؛ يقول - رحمه الله -: "لأنَّها تقتضي"؛ أي الربوبية العامة "تقتضي ربوبية الله لجميع ما فيه من الذوات"؛ أي: جميع ما في العالم من الذوات؛ يعني الأعيان "والصفات"؛ وهي الأمور العارضة، "والحركات والأفعال، وحقيقة قول القدرية المجوسية: أنَّ الله تعالى ليس ربًّا لأفعال الحيوان" لأنَّه يخلق فعل نفسه، "ولا تتناولها ربوبيته"؛ وهذا يكذِّب ما دلَّت عليه الأدلة من عموم ربوبية الله - تعالى - لكلِّ شيء - سبحانه وتعالى -؛ إذ كيف يتناول ما لا يدخل تحت قدرته، ومشيئته، وخلقه، ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحشر:6]، وهو خالق كل شيء - جلَّ في علاه -.
وكل شيء مربوب له - سبحانه وتعالى -، فهو ربُّ العالمين؛ وكل هذا إبطال لمذهب القدرية، وبيان أن القدرية إنما أُتُوا ودخل عليهم الشيطان من جهة أنَّهم قصروا في فهم ربوبية الله العامة، المطلقة لكل شيء.