قال - رحمه الله -: "وإنَّما كانت هذه التسوية بينهم وبين الله - تعالى - في المحبَّة والعبادة، فمن أحبَّ غير الله - تعالى - وخافه ورجاه، وذلَّ له كما يحبُّ الله - تعالى - ويخافه ويرجوه؛ فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله، فكيف بمن كان غير الله آثر عنده وأحبَّ إليه، وأخوف عنده، وهو في مرضاته أشد سعيًا منه في مرضاة الله؟! فإذا كان المسوِّي بين الله وبين غيره في ذلك مشركًا، فما الظن بهذا؟! فعياذًا بالله من أن ينسلخ القلب من التوحيد والإسلام كانسلاخ الحيَّة من قشرها، وهو يظن أنه مسلم موحِّد؛ فهذا أحد أنواع الشرك".
يقول - رحمه الله -: "وإنَّما كانت هذه التسوية بينهم وبينه – تعالى - في المحبة والعبادة"، "في المحبة" وهي عمل القلب.
ثمَّ قال - رحمه الله -: "وإنما كانت هذه التسوية بينهم وبين الله - تعالى - في المحبَّة والعبادة"، ثمَّ قال: "فمن أحبَّ غير الله - تعالى - وخافه ورجاه"؛ هذه أصول العبادات القلبية التي يتحقق بها التوحيد؛ المحبة، والخوف، والرجاء كما قال - تعالى -:﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾[الإسراء:57].
يقول - رحمه الله -: "وذلَّ له"؛ وهذا فرع التعظيم، فالتعظيم ركن العبادة التي لا يقوم إلَّا بها "كما يحبُّ الله - تعالى - ويخافه، ويرجوه، فهو في الشرك الذي لا يغفره الله"، الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر الذي قال الله - تعالى - فيه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48]؛ فهذا الشرك لا يغفره الله سواء كان بالقلب وهو المبدأ، أو كان في القول، أو كان في العمل، فمن أشرك بالله في قلبه فسوَّى غير الله بالله في المحبة، أو الخوف، أو الرجاء، أو أشرك بالله في لسانه بأن سأل غير الله ودعاه فيما لا يقدر عليه إلَّا الله - جلَّ وعلا -، أو أشرك ببدنه بأن سجد لغير الله تعبدًا، أو نذر لغير الله ذبحًا، أو نحو ذلك مما هو من أعمال الشرك، فإنَّه خارج عن التوحيد، وهو واقع في الشرك الذي لا يغفره إلَّا الله، "فكيف بمن كان غير الله..." يعني إذا كانت التسوية بين الله وبين غيره توجب أن لا يغفر الله الذنوب، فكيف بمن جعل غير الله في منزلة أعلى من الله؟ كما قال - رحمه الله -: "فكيف بمن كان غير الله آثر عنده؟"؛ يعني مقدمًا عنده على الله "وأحبّ إليه، وأخوف عنده، وهو في مرضاته أشد سعيًا منه في مرضاة الله –عزَّ وجلَّ؟" لا شك أنه أسوء حالًا، وأبعد عن نيل المغفرة والعفو، والصفح.
يقول: "فإذا كان المسوِّي بين الله وبين غيره في ذلك مشركًا، فما الظن بهذا؟"؛ الذي جعل غير الله في منزلة أعلى من الله - عزَّا وجلَّ - "فعياذًا بالله من أن ينسلخ القلب من التَّوحيد والإسلام"؛ أي: نعوذ بالله من أن نشرك به ونحن نعلم، ونستغفره لما لا نعلم.
يقول: "كانسلاخ الحيَّة من قشرها، وهو يظن أنه مسلم موحِّد؛ فهذا أحد أنواع الشرك"؛ الآن بعض الناس يدعو غير الله، وإذا نزلت به نازلة ذهب إلى القبور يدعو
الموتى، أو ذهب إلى من يزعم أنَّه يقضي الحوائج من الأحياء، يستغيث بهم، ويسألهم، ويظن أنَّه قد حقق لا إله إلَّا الله، وهو ينقضها صباح مساء بهذا الاعتقاد في قلبه الذي سوى فيه غير الله بالله، وينقضها بعمله؛ حيث توجه إلى غيره - جلَّ في علاه - في طلبه، وسؤاله، ورغبته.
نسأل الله السلامة والعافية.