تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1354

التاريخ : 2018-01-25 11:15:46


قال - رحمه الله -: "هذا مع أن الله – سبحانه - قد أثبت للعبد مشيئة، كقوله تعالى -: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾[التكوير:28]، فكيف بمن يقول: أنا متوكِّل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما لي إلاَّ الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض؟".

كلُّ هذه الألفاظ من الألفاظ التي تتضمن جهلًا بقدر الرب عزَّ وجلَّ -، وهي من ألفاظ الشرك التي ينبغي للمؤمن أن يصون لسانه عن أن يتكلم بها؛ ولذلك قال: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم - قد أنكر على من قال: ما شاء الله وشئت، والعبد له مشيئة، وقال له: «أجعلتني لله عدلًا، أو ندًّا، بل قل: ما شاء الله وحده» تقدم تخريجه فكيف بأقوام يقولون هذه الكلمات: "أنا متوكِّل على الله وعليك"؛ وهذا لا يمكن أن يكون.

  

فإنَّ التوكل لا يكون إلا على الله؛ قال الله - تعالى -: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[المائدة:23]؛ فلا يكون التوكل إلا على الله عزَّ وجلَّ -. ولو ذكر ذلك في حق غيره، فقد قال العلماء: التوكل لا يكون إلا على الله، فلا يصلح أن تقول: توكلت على الله، ثمَّ عليك؛ لأنَّ التوكل لا يكون إلا على الله وحده ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[المائدة:23] ، لكن لو يقول: توكلت على الله، ثمَّ فوضت الأمر إليك، أو وكلتك في كذا، فالتوكيل لا بأس به، أمَّا التوكل فلا يكون إلَّا على الله وحده – جلَّ في علاه -، فلا فرق بين أن يقول: أنا متوكل على الله وعليك، أو أن يقول: أنا متوكل على ثمَّ عليك في قول المحققين من أهل العلم.

قال: "وأنا في حسب الله وحسبك"، حسب الله؛ يعني في كفاية الله وصيانته، "وحسبك"؛ في كفايتك وصيانتك، وهذا لا يكون إلا لله، فإنَّ الحسب له وحده، قال الله جلَّ وعلا -: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ﴾[الأنفال:64]؛ أي: كافيك الله ﴿وَمَنِ اتَّبَعَكَ﴾[الأنفال:64]؛ أي وكافي من اتبعك، والنبي صلى الله عليه وسلم - لما قال له الناس: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾[آل عمران:173]، قال الله تعالى -: ﴿فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾[آل عمران:173]؛ فالله هو الحسب، هو الكافي وحده سبحانه وبحمده - لا يكفي غيره أحدًا، وبالتالي لا يجوز أن يكون الحسب إلَّا له جلَّ وعلا -.

  

"ومالي إلَّا الله وأنت"؛ هذه أيضًا لا تصلح؛ لأنه سوَّى غير الله بالله، "وهذا من الله ومنك"؛ هذا أيضًا لا يصلح، بل إذا أراد أن يذكر سببًا فليذكره بـ"ثمَّ" التي تفيد التعقيب، والترتيب، وإلا فلا يذكر إلا الله جلَّ وعلا -.

"وهذا من بركات الله وبركاتك"؛ هذا أيضًا لا يسوغ ولا يصلح، "والله لي في السماء وأنت لي في الأرض"؛ هذا من أكبر الجحود، فالله لك في السماء والأرض، وهو الذي لا يصلك خير إلَّا من قبله - جلَّ في علا - سبحانه وبحمده -، فينبغي للمؤمن أن يصون لفظه عن أن يسوي غير الله بالله، أي لفظ يكون فيه تسوية بين الله وبين غيره، فتجنبه، فإنَّ الله لا ندَّ له، ولا نظير له، ولا مثيل، ولا كفؤ، فهو - سبحانه وبحمده - الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تأمل هذا في ألفاظك، وبقدر عظمة الله في قلبك ينطبع هذا في قولك، فلا يكون في قولك شيء من تسوية غير الله بالله.

"وزن بين هذه الألفاظ الصادرة من غالب النَّاس اليوم وبين ما نهى عنه من: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيُّها أفحش؟؛ يتبيَّن لك أن قائلها أولى بالبعد من ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾[الفاتحة:5]، وبالجواب من النبي - صلى الله عليه وسلم - لقائل تلك الكلمة، وأنَّه إذا كان قد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ندًّا؛ فهذا قد جعل من لا يدانيه لله ندًّا".

هذا بيان أن دليل تحريم هذه الألفاظ هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم - من نهي الرجل عن أن يقول: ما شاء الله وشئت؛ فهذا يدل على أن كل ما كان من الألفاظ في معنى هذه الكلمة فإنه مما ينهى عنه، ولو لم يكن بنفس اللفظ، "فالله حسبي وأنت حسبي" ، أو "ما لي إلَّا الله وأنت" ، أو ما إلى ذلك من الألفاظ؛ كله مما ينهى عنه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أجعلتني لله عدلًا، أو ندًّا، قل: ما شاء الله وحده» تقدم تخريجه .

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق