الرئيسية > العقيدة > تجريد التوحيد المفيد > الشرك وأنواعه> (78)كل من عبد مع الله غيره فإنه عبد شيطانا |
---|
"وبالجملة، فهذا بابٌ واسع، والمقصود: أن كل من عَبَد مع الله غيره فإنه عبد شيطانًا؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾[يس:60].
فما عبد أحدٌ أحدًا من بني آدم كائنًا من كان إلا وقد وقعت عبادته للشيطان، فيستمتع العابد بالمعبود في حصول غرضه، ويستمتع المعبود بالعابد في تعظيمه له وإشراكه مع الله تعالى، وذلك غاية رضا الشيطان؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنسِ﴾[الأنعام:128]، أي: من إغوائهم وإضلالهم.
وقال: ﴿وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام:128]".
فكل من عَبَد غير الله - عزَّ وجلَّ - واتجه إلى سواه، فإنما عبد هواه والشيطان، وذلك أن الشيطان أعظم الدعاة إلى الكفر والشرك، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه: «خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ»، يعني: على التوحيد، «فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ» أخرجه مسلم (2865) أي: فصرفتهم الشياطين عن التوحيد إلى أنواعٍ وصورٍ من الشرك.
فكل من عَبَدَ غير الله تعالى فقد عَبَدَ الشيطان، ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾[يس:60].
فالشيطان هو المعبود في كل تلك الصور التي يُعْبَد فيها غير الله - عزَّ وجلَّ -.
بعد ذلك يقول:
"فهذه إشارةٌ لطيفةٌ إلى السر الذي لأجله كان الشرك أكبر الكبائر عند الله، وأنه لا يُغْفَرُ بغير التوبة منه، وأنه موجبٌ للخلود في العذاب العظيم، وأنه ليس تحريمه وقُبْحُهُ بمجرد النهي عنه فقط، بل يستحيل على الله - سبحانه وتعالى - أن يشرع عبادة إلهٍ غيره، كما يستحيل عليه ما يُنَاقِض أوصاف كماله ونعوت جلاله".
التعليق | |
جميع الحقوق محفوظة لمنصة اسوار المعرفة@2021 - تصميم وبرمجة إنجاز إن