القواعد الأربع

من 2024-07-07 وحتى 2043-08-20
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 28

التاريخ : 2024-07-06 08:36:41


 قال –رحمه الله-بعد هذا القاعدة الثانية.

قال –رحمه الله-: (القاعدة الثانية أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربى والشفاعة، فدليل القربى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾[الزمر: 3]، ودليل الشفاعة قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[يونس: 18]، والشفاعة شفاعتان، شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة.

فالشفاعة المنفية ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والدليل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[البقرة: 254].

والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشروع له من رضي الله قوله وعمله بعد الإذن، كما قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾[البقرة: 255].)

القاعدة الثانية هي بيان أعظم ما يحصل به الإخلال بملة إبراهيم، أعظم ما يحصل به الإخلال بالحنيفية، البوابة التي من طريقها دخل الشرك على الناس هو ما تضمنته هذه القاعدة من بيان أن المشركين كانوا يعبدون غير الله يصرفون العبادة لسواه، محتجين في ذلك بأنه يطلبون القربى إلى الله من طريق الصالحين، من طريق الأولياء، يتقربون إلى الله –عز وجل-من طريقهم، ومن طريق شفاعتهم.

ولذلك قال في بيان حجة أهل الشرك على إشراكهم وهي حجة متكررة، وليست بحديثة يقول: إنهم يقولون ما دعوناهم يعني ما عبدناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربى والشفاعة، هذا هو الطريق الذي يسلكه هؤلاء في تبرير شركهم بالله –عز وجل-أنهم ما عبدوهم إلا طلبا لجاههم في أن يكون سببا لقربهم إلى الله عز وجل-كما قال جل وعلا-في بيان حجة أهل الشرك ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر: 3]، فالمشركون بدأوا في شركهم يبررون هذا الشرك بأنواع من التبريرات، بأنواع من الحجج، وكل هذه الحجج متهافتة ضعيفة لا يقوم بها حق، ولا يتبين بها صواب منهج.

الله –عز وجل-أمر الخلق بعبادته وحده لا شريك له، وبين لهم الوسيلة التي يصلون بها إلى بره وفضله، وهي أن يتوجه إليه وحده لا شريك له، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ[المائدة: 35]، أي: اطلبوا الطريق الذي يوصلكم إليه، ولا طريق يوصل إلى الله إلا طاعته، لا طريق يوصل إلى الله إلا تحقيق العبودية له، فهؤلاء الذين عبدوا غيره وتوجهوا إلى الأولياء والصالحين، وطلبوا منهم الشفاعة، وطلبوا منهم قضاء الحاجات، وطلبوا منهم إغاثة اللهفات وما أشبه ذلك، هم في الحقيقة خرجوا عن الصراط المستقيم، ولا يبرروا فعلهم ولا يصححوا مسلكهم ما زعموه من أنهم ما عبدوهم إلا ليقربوهم إلى الله زلفى، فقد أبطل الله تعالى الحجتين، حجة أنهم عبدوهم لأجل أن يقربوهم إلى الله، وحجة الشفاعة فقال جل وعلا-: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر: 3]، هذا دليل أنهم عبدوهم طلبا للقربى، طلبًا للوسيلة التي يصلون بها إلى المطلوب.

قال: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ[الزمر: 3] أي: الذين اتخذوا من دونه محبوبين معبودين من دون الله، فالأولياء هم المعبدون من دون الله، من الملائكة، من الصالحين، من الجن، من الشجر، من الحجر، من الأصنام، من الأوثان، ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ[الزمر: 3]، أي: ما نتقرب إليهم بأنواع القربات ﴿إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر: 3]، فهم وسيلة وهم طريق، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ[الزمر: 3].

قوله: ﴿كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾هو حكم على هذه المقالة بأن قائلها كاذب، وبأن قائلها كافر عظيم الكفر؛ لأنه لا يقبل هذا القول في تسويغ الإخلال بحق الله –عز وجل-.

أما الدليل الآخر وهو بيان الغاية من هذا التقرب، التقرب وسيلة، ما الذي يريدونه من هذه الوسيلة؟ هم يتقربون إلى من يعبدونهم من دون الله لأنهم واسطة بينهم وبين الله، فهم سبب، لكن ما الذي يطلبونه منهم أن يشفعوا عند الله؟

ولذلك قال –رحمه الله-: ودليل الشفاعة أي أنهم عبدوهم لأجل الشفاعة قال: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ[يونس: 18].

﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ[يونس: 18]، أي من الملائكة، من الصالحين، من الأولياء، من الإنس، من الجن، من الشجر، من الحجر، يعبدونهم من دون الله وهم لا يملكون لهم ضرًّا ولا نفعًا، ويسوغون ذلك بأنهم ما عبدهم إلا لأجل الشفاعة ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ[يونس: 18]، أي: هؤلاء هم الذين يشفعون لنا عند الله عز وجل-، وهذا قد كذبه الله –عز وجل-وبين ضلاله بنفي الشفاعة في كتابه، فالشفاعة جاءت في الكتاب على نحوين؛ منفية، ومثبتة.

  

ولذلك قال –رحمه الله-: (والشفاعة شفاعتان) أي: الشفاعة وهي التوسط للغير في طلب الخير نوعان، شفاعة مثبتة، وشفاعة منفية، وهذا التقسيم للشفاعة التي جاء بها القرآن، وذكرها القرآن، وجاءت في السنة النبوية فمن استقرأ الكتاب والسنة، وما ذكره الله في شأن الشفاعة، يجد أن الشفاعة على نحوين؛ شفاعة مثبتة، وشفاعة منفية.

بدأ المصنف –رحمه الله-بذكر الشفاعة المنفية فقال: فالشفاعة المنفية كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فمن طلب من غير الله شيئًا لا يقدر عليه إلا الله، فإنه قد وقع في الشرك، كأن يقول: يا رسول الله اشفع لي، أو يا علي اشفع لي، أو يا حسين اشفع لي، أو يا كذا وكذا من الملائكة أو الصالحين يسأل منهم الشفاعة، فهؤلاء لا ينفعونه، والشفاعة لا تسأل إلا من الله عز وجل-كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا[الزمر: 44]، وإذا كانت لله فهل تسأل من غيره؟

لا تسأل من غيره ولا تطلب من سواه، بل لا تسأل إلا منه جل في علاه، فالشفاعة المنفية هي ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله –عز وجل-.

والدليل على هذا النوع من الشفاعة وهي الشفاعة التي نفاها القرآن قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ[البقرة: 254].

وأما الشفاعة المثبتة وهي النوع الثاني قال: هي التي تطلب من الله، والشافع مقرب بالشفاعة، هذه حقيقة، الشفاعة المثبتة في القرآن هي لله فلا تطلب من سواه، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا[الزمر: 44]، ومقصود الشفاعة وغايتها إكرام الشافع، ورحمة المشفوع فيه.

إكرام الشافع لإظهار مقامه وعظيم قدره عند الله –عز وجل-أن قبل شفاعته، وأما رحمة المشفوع فيه فإن ذلك من فضله وأسباب إنجاء عباده أن يجري عليهم من الشفاعة ما ينجون به من الهلاك.

إذًا القاعدة الثانية خلاصتها إبطال ما كان يعتقده المشركون مما يخرجون به من التوحيد، من أن صرف العبادة لغير الله إما لطلب القربى، أو الشفاعة. 

  

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق