القواعد الأربع

من 2024-07-07 وحتى 2043-08-20
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 50

التاريخ : 2024-07-06 08:37:25


 القاعدة الثالثة.

قال –رحمه الله-: (القاعدة الثالثة أن النبي –صلى الله عليه وسلم-ظهر على أناس متفرقين في عبادتهم منهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، فقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم-ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ[الأنفال: 39]، فدليل الشمس والقمر قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ[فصلت: 37]، ودليل الملائكة قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ[سبأ: 40-41]، ودليل الأنبياء قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ[المائدة: 116]، ودليل الصالحين قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا[الإسراء: 56-57]، ودليل الأشجار والأحجار قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى[النجم: 19-20]، وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى حُنينٍ ونحن حُدثاءُ عهدٍ بكفرٍ وللمشركين سدرةٌ يعكفون عندَها وينُوطون بها أسلحتَهم يُقالُ لها ذاتُ أنواطٍ فمررنا بسدرةٍ فقلنا : يا رسولَ اللهِ اجعلْ لنا ذاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: اللهُ أكبرُ إنها السننُ قلتم والذي نفسِي بيدِه كما قالت بنو إسرائيلَ لموسَى: اجعلْ لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ»[أخرج الترمذي في سننه(2180)، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ]).

هذه القاعدة الثالثة وهي دائرة على بيان أن الشرك بجميع صوره خروج عن الحنيفية عن ملة إبراهيم، سواء كان المعبود ملَكا، أو كان المعبود نبيًّا أو كان المعبود صالحًا، أو كان المعبود شجرًا، أو حجرًا أو كان المعبود ما كان من دون الله –عز وجل-كل هذا خارج عن الصراط المستقيم، خارج عن التوحيد الذي جاء به سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، خارج عن ملة إبراهيم التي بها النجاة في الدنيا، والنجاة في الآخرة.

يقول المصنف –رحمه الله-: (القاعدة الثالثة أن النبي –صلى الله عليه وسلم-ظهر في أناس متفرقين في عبادتهم)

 أي: لم يكونوا مشركين شركا واحدا، بل كانوا على طرائق شتى، وعبادات متنوعة، منهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، وكل ذلك قد جاءت به الأدلة، وقد ساق المصنف –رحمه الله-أدلة ذلك في بيان ما كان عليه هؤلاء من الشرك بالله، والنبي –صلى الله عليه وسلم-لم يفرق بين من يعبد ملكا، ومن يعبد حجرًا، لم يفرق بين من يعبد صالحًا، ومن يعبد شجرًا، بل أنكر على الجميع، وبين خطأهم وضلالهم، ونهاهم عن عبادة غير الله –عز وجل-على حد سواء، فدل ذلك على أن كل شرك مهما كانت صورته، ومهما كان مسوغه، ومهما كان سببه، هو ظلم جاءت الشريعة، جاءت الرسالات بالنهي عنه، وبيان ضلاله وخطأه، وأنه موجب للعقوبة في الدنيا والآخرة، وأن صاحبه محرم أن يدخل الجنة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ[المائدة: 72]، وكانوا على حد سواء في مقاتلة النبي –صلى الله عليه وسلم-لهم، فلم يفرق النبي –صلى الله عليه وسلم-في القتال بين من يعبد الملائكة، وبين من يعبد غيرهم، بل جميعهم كانوا على حد سواء في منابذتهم وقتالهم، قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ[الأنفال: 39]، كل المفسرين على أن المقصود بالفتنة هنا الشرك، فقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ[الأنفال: 39]، أي حتى لا تكون شرك، ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ[الأنفال: 39]، أي تكون العبادة لله وحده لا شريك له، فالمقصود بالدين هنا العبادة، فلا تصرف العبادة لغير الله –عز وجل-.

إذا تقررت هذه القاعدة تبين أن أعظم ما يختل به التوحيد، أعظم ما تختل به ملة إبراهيم عليه السلام هو الشرك بالله مهما كانت صورة هذا الشرك، ومهما كان نمطه، ومهما كانت حال صاحبه، سواء كان يعبد ملكا، أو يعبد نبينا مرسلًا، أو يعبد وليًّا صالحًا، أو يعبد حجرًا أو شجرًا، كله سواء في تحريم الله –عز وجل-وفي تحذيره ونهيه.

  

وساق المصنف –رحمه الله-الأدلة على أن الذين بعث فيهم النبي –صلى الله عليه وسلم-كانوا يعبدون أشجارًا، كانوا يعبدون حجارة، كانوا يعبدون ملائكة، كانوا يعبدون شمسًا وقمرًا، وأن جميع ذلك كان محلًّا لإنكار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يرتض شيئًا من ذلك، بل كانوا على حد سواء في المنابذة والقتال والتحذير وبيان أنهم كانوا خارجين عن ملة إبراهيم.

وآخر ما ذكر المصنف ذكر حديثًا وهو حديث أبو واقد الليثي قال: «خرجنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى حُنينٍ ونحن حُدثاءُ عهدٍ بكفرٍ وللمشركين سدرةٌ يعكفون عندَها وينُوطون بها أسلحتَهم، يُقالُ لها ذاتُ أنواطٍ فمررنا بسدرةٍ فقلنا: يا رسولَ اللهِ اجعلْ لنا ذاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ» أي: شجرة نعلق بها أسلحتنا طلبا للبركة كما لهم ذات أنواط.

«فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: اللهُ أكبرُ، إنها السننُ، قلتم والذي نفسِي بيدِه كما قالت بنو إسرائيلَ لموسَى: اجعلْ لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ»[سبق] فلا فرق بين هذا وأولئك.

خلاصة هذه القاعدة أن الشرك بجميع صوره يخرج به الإنسان عن ملة إبراهيم، ينقض به الحنيفية التي جاءت بها الرسل وجاء بها سيدهم محمد –صلى الله عليه وسلم-. 

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق