كتاب الزكاة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 9

التاريخ : 2024-12-29 04:20:47


زكاة الديون والأموال المغصوبة:

قوله –رحمه الله-: ومن كان له دين، أو حق من مغصوب، أو مسروق، أو موروث مجهول، ونحوه من صداق وغيره، كثمن مبيع وقرض على مليء باذل أو غيره: أدى زكاته إذا قبضه لما مضى روي عن علي؛ لأنه يقدر على قبضه والانتفاع به، قصد ببقائه على الفرار من الزكاة، أو لا.

هذا شروع في بيان أثر الدين في زكاة المال، وابتدأه المصنف –رحمه الله-بذكر أثر الدين أو الحق في زكاة من له دين أو حق على غيره، وهذا هو القسم الأول من قسمي مسائل أثر الدين في زكاة المال.

والدين هو ما ثبت في الذمة من قرض وثمن مبيع، وأجرة وغير ذلك.

وأما الحق فكالمال المغصوب أو المسروق أو الموروث المجهول الذي لم يعلم به أو الصداق وغيره، وبيان ذلك أن من كان له دين أو كان له حق مالي، فالواجب على صاحب المال أن يخرج زكاة الدين أو الحق إذا قبضه لما مضى من السنوات، سواء أكان الدين أو الحق على مليء باذل وهو القادر على ماله وقاله وحاله، أم كان الدين أو الحق على غير مليء باذل كالمعسر أو المماطل، أو ما يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم، وسواء كان الدين مؤجلا أو حالا.

والأصل في ذلك ما أشار إليه الشارح من أثر علي رضي الله عنه، وجاء نظيره عن ابن عمر وعائشة، قالوا: لا زكاة في الدين حتى يقبض، ولم يعرف لهم مخالف، واستدلوا لثبوت الزكاة في الدين والحق عند قبضه لعموم الأدلة الموجبة للزكاة.

وأما كونه لا يجب إلا إذا قبض، فلأنه ليس من المواساة إخراج زكاة مال، لم يقبضه، وهناك رواية عن أحمد أنه لا تجب زكاة في دين إن كان على معسر، أو جاحد أو مماطل به، لأنه غير مقدور عن الانتفاع به، أشبه مال المكاتب، وعنه يجب إخراج الزكاة في الحال قبل قبضه، وشبهه بالوديعة.

وعنه أنه يزكيه لسنة واحدة، وهذا مبنى على أنه يشترط لوجوب الزكاة إمكان الأداء، ولما كان على هذه الحال من كونه دينا ليس في يده، وقد يسقط أو مغصوب أو مسروق أو مجهول، فإنه لم يتوفر فيه شرط إمكان الأداء.

وعنه رواية لا زكاة في دين بحال، لأنه مال غير نام روي ذلك عن عائشة.

قوله –رحمه الله-:  ((ولو قبض دون نصاب: زكاه)).

أي إنه إذا قبض الدائن من الدين أو الحق قدرًا دون النصاب، وكان ماله يبلغ نصابًا، فإن الواجب عليه أن يخرج زكاة ما قبضه بحسابه، هذا على الصحيح من المذهب.

مثال ذلك: لو أقرض آخر عشرين مثقالا، فأعطاه منه خمسة، فإنه يجب عليه أن يخرج زكاته، لأنه مالك لكل النصاب ملكا تاما، أشبه ما لو كان النصاب كله في يده.

وذهب القاضي وابن عقيل إلى أنه لا يلزمه زكاة ما قبضه ما لم يكن المقبوض نصابًا، فإذا كان قد رد عليه نصاب، فإنه يجب أن يزكيه.

مثال ذلك: لو أقرض رجلا أربعين مثقال، فرد عليه عشرين مثقال، هنا رد عليه نصابا، فيجب أن يزكي على قول ابن عقيل والقاضي، أو يصير ما بيده ما يتمم به نصابا أي: أنه يكون مع الدائن قدر من المال إذا أضيف إليه ما رده المدين يكون نصابا عند ذلك يلزمه أن يزكي، وهذا خلاف ما تقدم من تقرير المصنف في قوله: ((ولو قبض دون نصاب: زكاه))، سواء كان بيده ما يتم به نصاب، أو لا.

قوله: وكذا: لو كان بيده دون نصاب وباقيه دين، أو غصب، أو ضال في المسألة السابقة ما قبضه من دين أو حق عند قبضه، ولو كان ما قبضه دون النصاب، فإنه يجب على من كان له نصاب من المال، بعضه دين أو مغصوب أو ضائع، وبعضه في يده، أن يخرج زكاة ما بيده من مال، ولو كان دون نصاب، لأنه مالك نصابا ملكا تامًّا، أشبه ما لو قبضه كله.

قال في الإقناع: ولعله فيما إذا ظن رجوعه، أي: الضال ونحوه، أما إذا أيس منه، فإنه لا يلزمه.

وفيه وجه ثان: أنه لا يجب عليه زكاة ما بيده إذا كان دون نصاب، قبل قبض الدين والمغصوب والضال.

  

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

تابع المال المستفاد أثناء الحول:

فقد تقدم ما يتعلق بزكاة ما استفاد مالًا، وفي الجملة المال المستفاد بالنظر إلى طريق حصوله ينقسم إلى قسمين:

- القسم الأول: أن يكون المال المستفاد حصل بتملك مبتدأ لا صلة له بالمال الذي في يده، كالمال المستفاد بإرث أو هبة أو وصية أو شراء ونحو ذلك.

فهذا القسم إن كان مما يشترط بوجوب الزكاة فيه مضي الحول، فهو نوعان بالنظر إلى وروده على نصاب في ملك المستفيد.

النوع الأول: أن يكون المال المستفاد ليس واردا على نصاب، بألا يكون للمستفيد مال سوى هذا المال المكتسب المستفاد، أو يكون للمستفيد مال من جنس المال المستفاد لكنه دون النصاب، فهذا لا تجب فيه زكاة حتى يحول عليه الحول بعد ملك النصاب أو بلوغه.

النوع الثاني: أن يكون المال المستفاد واردا على نصاب في يد المستفيد فهذا له حالان من حيث اشتراط مضي الحول.

الحالة الأولى: أن يكون المال مستفادًا من جنس النصاب الذي عند المستفيد، فهذا لا تجب فيه زكاة حتى يمضي عليه الحول، سواء أكان المال مستفاد نصابًا أم دون نصاب، كأن يكون عند المستفيد نصاب قد انعقد عليه الحول بسبب مستقل، ويستفيد مال من جنسه مثل: أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول، فهذه نصاب مضى عليها بعض الحول تجب زكاته بتمام النصاب، فإذا اشترى أو اتهب مائة من الغنم، فهذه المائة لا تجب زكاتها إلا بعد مضي حول من استفادتها، فلا تضم إلى حول المال الذي في يديه قبل هذا المال المستفاد.

والأصل في ذلك عموم قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «لا زكاةَ في مالٍ حتى يحولَ عليه الحولُ» أخرجه ابن ماجه (1792)، والبزار (304)، والدارقطني (2/90)، قال البيهقي: روي مرفوعاً وموقوفاً، وفيه حارثة لا يحتج بخبره. السنن الكبرى(4/95). وقد ورد النص في ذلك أي: في المال المستفاد على وجه الخصوص، فيما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: ليس في المال المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول.

والحالة الثانية: أن يكون المال المستفاد من غير جنس النصاب الذي عند المستفيد، فهذا يكون المال المستفاد حكم نفسه، فلا يضم إلى المال الذي عند المستفيد، لا في الحول، ولا في النصاب، بل إن كان نصابا استقبل به حولا وزكاه، وإلا فلا شيء عليه، وهذا قول الجمهور.

هذا هو القسم الأول وقد تقدم فيما مضى. 

ثم قال المصنف –رحمه الله-: ((إلا نتاج السائمة)).

أي: إنه يستثنى من اشتراط الحول لوجوب الزكاة نتاج السائمة وربح التجارة، ولو لم يبلغ نصابًا.

فقوله: إلا نتاج السائمة، أي: إنه مما لا يشترط لوجوب الزكاة مضي الحول من المال المستفاد، هذان النوعان من المال نتاج السائمة، وهي أولاد الإبل والبقر والغنم، وكذلك ربح التجارة.

ولو لم يبلغا نصابا، وهذا القسم يمكن أن يقال: إن له حالين:

الحال الأولى: أن يكون أصل نتاج السائمة وربح التجارة قد بلغ نصابا، ففي هذه الحال حولهما حول أصلهما، ولو لم يبلغ المال المستفاد نصابا، فهذا يجب ضمه إلى ما عنده من أصل، فيعتبر حوله بحوله.

قال ابن قدامة: "لا نعلم فيه خلافا لأنه تبع له من جنسه فأشبه النماء المتصل"المغني(2/468) وهو زيادة قيمة عروض التجارة، وهو يشبه زيادة، فأشبه النماء المتصل، وهو زيادة قيمة عروض التجارة، والأصل في ذلك ما ذكره الشارح عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما، ولا يعرف لهما مخالف، ولأن الغنم تختلف أوقات ولادتها، فإفراد كل سخلة بحول، يشق.

فلذلك يجعل تبعا للأمهات، ولأنها تابعة لها حقيقة في الملك، فتتبعها في الحول، وكذلك الحكم في ربح التجارة، فإنه لا يشترط وجوب الزكاة فيه مضي الحول، لأنه في معنى نتاج السائمة، فيكون مثله حكمًا، هذه الحال الأولى.

الحال الثانية: ألا يكون أصل نتاج السائمة وربح التجارة قد بلغ نصابًا، فيكون حولهما في هذه الحال من حين كمل النصاب، لأنه حينئذ يتحقق فيه التبعية، فلذا وجبت فيه الزكاة، وقبل ذلك لا يجب فيه الزكاة لنقصانه عن النصاب، وقد وضح الشارح ذلك بالمثال، فلو ملك خمسًا وثلاثين شاة فنتجت شيئًا فشيئًا، فحولها من بلوغها نصابا، وهو الأربعون.

وكذلك لو ملكت ثمانية عشرة مثقالا وربحت شيئا فشيئا، فحولها منذ بلغت عشرين نصابا، وهو نصاب الذهب.

وقوله –رحمه الله-: ((فلو ماتت واحدة من الأمهات، فنتجت سخلة، انقطع)).

أي: لو ماتت شاة ونقص بموتها النصاب، فنتجت بعدها سخلة السخلة تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد والجمع سخال. المصباح المنير للفيومي(1/269). انقطع الحول بموت تلك الشاة لنقص النصاب، أما لو نتجت السخلة ثم ماتت الأم، فإنه لا ينقطع بذلك الحول.

قوله –رحمه الله-: ((ولا يبني الوارث على حول الموروث)).

أي: إن المال المستفاد بإرث يستأنف به حول من تملكه، ولا يبنى حول على حول موروثه، لأنه قد تجدد الملك، فاعتبر حوله بحصوله.

قوله –رحمه الله-: ((ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه، ويزكي كل واحد إذا تم حوله)).

أي: إن المال المستفاد إذا كان من جنس النصاب الذي في يد المستفيد ضمه إليه، كما لو ملك عشرين مثقالا ذهبا مضى عليها ستة أشهر، ثم ملك عشرة مثاقيل هبة أو إرثا أو نصابا أو نحو ذلك، فتضم إلى العشرين الأولى، ويزكي النصاب إذا مضت الستة الأشهر الباقية، ويزكى المال المستفاد بالإرث أو الهبة إذا مضى عليه حول من وقت استفادته.

وكذلك لو كان حكم المال المستفاد حكم جنس نصاب المال الذي في يد المستفيد، كمائة درهم فضة ملكها بعد عشرين مثقالا ذهبا، فإنه يضم الفضة المستفادة إلى ما عنده من نصاب الذهب، ويزكى كل مال إذا تم حوله لوجود النصاب.

ولاحظ في هذا المثال أنه مائة من الفضة، وهي لا تبلغ نصاب الفضة، ولكن على المذهب يضم الفضة إلى الذهب.

وعلى هذا يزكي الذهب إذا تم حوله، ويزكي الفضة المستفادة إذا تم حولها من حين كسبها.

  

الحوالة بالدين أو الحق:

قوله –رحمه الله-: ((والحوالة به أو الإبراء، كالقبض)).

أي: إن الحوالة بالدين أو الحق بمنزلة قبضه فيما يتعلق بإخراج الزكاة، فإذا أحال من عليه دين غريمه ليستوفي دينه، من المحال عليه، فإن المحيل يكون قد أقبض المحتال دينه، فيكون حكمه في إخراج الزكاة كمن قبض ماله من دين على نحو ما تقدم، وكذلك الإبراء من الدين هو بمنزلة إقباضه، فيلزم المبرئ إخراج زكاة الدين الذي أبرأ منه كما لو كان قد قبضه، ويدل لذلك أنه بالحوالة والإبراء تسقط المطالبة بالدين، فهو بمنزلة أدائه.

وفي رواية أنه إذا أبرئ من الدين، فزكاته على المدين، لأنه ملك ما ملك عليه قبل قبضه منه، فكأنه لم يزل في ملكه، وذكر ابن قدامة احتمالا فقال: ويحتمل ألا تجب الزكاة على واحد منهما لا على المبرئ، ولا على المبرء، لا على المدين ولا على الدائن، لأن المبرئ لم يقبض شيئًا، ولا تجب الزكاة على رب الدين قبل قبضه، ولأن المدين لم يملك شيئًا، لأن من أسقط عنه شيئا لم يملكه بذلك.

نقف على ذلك والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق