قوله رحمه الله: "الخامس: اللفظ المؤدى به"، هذا هو الركن الثالث من أركان عقد البيع، وهو الصيغة، واعلم أن الصيغة نوعان: إما لفظية وإما فعلية، الصيغة اللفظية قدمها بقوله: "اللفظ المؤدى به"، أي: الجاري به العقد، فالمؤدى به أي: البيع وهو الإيجاب والقبول، الإيجاب وهو اللفظ الصادر من البائع، هذا معنى الإيجاب؛ اللفظ الصادر من البائع، والقبول وهو اللفظ الصادر من المشتري.
تقول: بعتك هذه السيارة، هذا إيجاب أو قبول؟ هذا إيجاب، إذا قال المشتري: قبلت فهذا هو القبول الذي يتم به عقد البيع في صيغته القولية اللفظية، فثمة إيجاب، وهو اللفظ الصادر من البائع، وقبول وهو اللفظ الصادر من المشتري، وبهذا تتم الصيغة القولية في عقد البيع، وكذلك سائر العقود، فيها إيجاب وقبول، ويختلف هذا باختلاف أنواع العقود فيما يتعلق بمن يصدر منه الإيجاب، ومن يصدر منه القبول.
ثم قال رحمه الله فيما يتصل بالوجه الثاني من أوجه حصول البيع في صيغته؛ قال: "والمعاطاة"، هي الصيغة الفعلية التي يتم بها البيع، وهذا يجرى في كثير من معاملات الناس، عندما تقف على بائع الخبز، وتأخذ كيسة، وتضع ريالًا دون أن تتحدث معه بشيء، هذا البيع نوع من أنواع المعاطاة، بذلت الثمن وأخذت المثمن دون لفظ، ومثل أيضًا البيع عن طريق أجهزة البيع التلقائية، سواء كان ذلك في المشروبات أو غيرها مما يباع بهذه الطريقة، ومثله أيضًا في كثير من الأحيان البيع عن طريق وسائل الاتصال الحديث عبر النت، فإن ذلك يتم بمعاطاة، ضغطة زر يتم بها تسليم الثمن، وضغطة زر يتم بها انتقال ملكية المبيع إلى المشتري، فالمعاطاة هي كل فعل يتم به عقد البيع بين طرفين على وجه يكون فيه توافرت الشروط السابقة من التراضي، من كونه صادرًا من جائز التصرف، من كونه معلومًا، وما إلى ذلك من الشروط التي ذكرت في البائع، وفي المبيع، وفي الثمن، وفي المثمن.