الغَرَر في اللُّغة: اسم مصدر لـــ(غَرَّر)، وهو دائرٌ على معنى النقصان، والخطر، والتعرُّض للهلكة، والجهل.
أما في الاصطلاح؛ فعبارات العلماء في تعريفه متقاربة".
إذًا فيما يتعلق بالمعنى اللغوي للغرر يقول:"دائرٌ على معنى النقصان، والخطر، والتعرُّض للهلكة، والجهل"، يعني كلام الشُرَّاح من أهل اللغة لمعنى الغرريدور على هذه المعاني الأربع:
أما معانيه في كلام الفقهاء فذكر جُملة على اختلاف المذاهب يقول:
"فعرَّفه السَّرَخْسِيُّ، فقال: ((الغَرر: ما يكون مستورَ العاقبة))".
يعني مجهولًا، هنا جاء الجهل.
وعادةً يا إخواني ابحث عن الرابط بين التعريف اللغوي والتعريف الشرعي، لابد أن يكون هناك خيط، قد يكون خيطًا رفيعًا، قد يكون المعنى اللغوي أوسع من المعنى الاصطلاحي، وأحيانًا يكون العكس، يكون المعنى الاصطلاحي أوسع من المعنى اللغوي.
فالزكاة مثلًا: الطُهرة -في اللغة-، والنماء، والزيادة، لكنها في الاصطلاح الشرعي: حقٌ شرعيٌّ في أموالٍ مخصوصة، لفئةٍ مخصوصة، في وقتٍ مخصوص. فهو أضيق من التعريف اللغوي. والصلاة في الشرع كذلك أضيق من المعنى اللغوي.
هذا هو الغالب أن التعريف الاصطلاحي يكون أضيق، لكن أحيانًا قد يأتي في المعنى الاصطلاحي ما هو أوسع من المعنى اللغوي.
"وعرَّفه ابنُ عرفة، فقال: ((ما شُكَّ في حصول أحد عِوَضيه، أو المقصود منه غالبًا))".
إذًا هنا عندنا خطر، عندنا نقصان، عندنا جهل.
كل هذه المعاني موجودة في تعريف ابن عرفة للغرر.
"وعرَّفه الشيرازي، فقال: ((الغرر: ما انطوى عنه أمره، وخفي عليه عاقبتُه))".
هذا متصل بأي معنى من معاني اللغة؟ نقصان؟ خطر؟ جهالة؟ الجهل.
"وعرَّفه أبو يعلى، فقال: ((ما تردَّد بين أمرين، ليس أحدُهما أظهر))".
خطر، وجهالة.
"وعرَّفه شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: ((الغررُ: هو المجهول العاقبة))".
"وبالنَّظر إلى هذه التعريفات، يتبيَّن أن أجمعها هو تعريف الغرر بأنه: ما لا يُعْلَم حصوله، أو لا تعرف حقيقته ومقداره".
هذا أجمع ما يُقال في تعريف الغرر، وهو جامع مانع. "ما لا يُعْلَم حصوله، أو ما لا تُعْرَف حقيقته ومقداره".
"ما لا يُعْلَم حصوله"، بعتك سيارتي المسروقة، هذا غرر أو لا؟ سيارتي سُرقت فجئت قلت: يا أخي أنا سيارتي مسروقة، قلت: أنا أشتريها مِنك. بكم؟ السيارة من الممكن أن تباع بخمسين ألفًا، وقد بعتك إياها بعشرة آلاف؛ لأنها مسروقة، قد تحصل، وقد لا تحصل، هذا غرر أو ليس غررًا؟ غرر.
إذًا "ما لا يُعْلَم حصوله" كبيع الشارد الغائب الضائع المسروق، كبيع الطير في الهواء، وبيع السمك في الماء، كل هذا قد يحصل وقد لا يحصل، فهو من جملة بيع ماذا؟ الغرر.
هذه الصورة الأولى.
المعنى الثاني الذي أشار إليه في التعريف قال: "أو لا تعرف حقيقته ومقداره"، قلت لك: بِعْتُكَ ما في جيبي بعشرة ريالات، فإذا قلت: قَبِلْت، أنت اشتريت شيئًا تعلم حقيقته أو لا؟ ما تعلم حقيقته، ما الذي في جيبي؟ يمكن أن يكون منديلًا، يمكن أن يكون سماعة، يمكن أن يكون هذا المنديل لا يساوي ريـالًا واحدًا، وهذه سماعة مثلًا بمائة ريـال، فهذا لا يُعْلَم حقيقته، فصار البيع غررًا أو ليس غررًا؟ غرر، خطر، ما يعلم الإنسان حقيقته.
ويمكن أن يكون دهن عود طيب، فهُنا لا تُعْلَم حقيقته.
الأمر الثاني: تعلم حقيقته لكن لا يُعْلَم مقداره، قلت لك: بِعْتُك ما في جيبي من الأقلام، أنت الآن عرفت حقيقة المبيع، ما هي حقيقة المبيع؟ أقلام، لكن تعرف كم هي؟ مقدارها؟ قلم؟ قلمان؟ ثلاثة؟ عشرة؟ ما تدري، قد يتبين أنه قلمٌ واحد، أو أنه أكثر من ذلك، وبالتالي لا تَعلم مقداره.