الصوم من صحيح البخاري

من 2017-08-14 وحتى 2019-09-30
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1882

التاريخ : 2017-05-10 10:58:32


ذكر المصنف بإسناده عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» أي: وقاية وسِتر، فالصوم جنة ووقاية، ولم يأتِ في هذا الحديث سِتر ووقاية من أي شيء، وقد جاء في بعض الروايات: جُنة من النار سنن النسائي (2231)، وصححه ابن خزيمة (1891)، وفي بعضها دون تقييد، فما جاء من أنه جنة من النار بيان أن نفعه في الآخرة؛ لأن النار يَرِدها الناس يوم القيامة، وما جاء مُطلقًا من دون تقييد، فهو يحتمل أنه جنة في الآخرة، ويحتمل أنه جنة في الدنيا، والصواب في المعنى أنه جنة في الدنيا وفي الآخرة، فهو ستر ووقاية في الدنيا، وستر ووقاية في الآخرة.

وهذا يشمل الصوم المفروض والصوم المتنفل به؛ فإن النبي لم يميز، بل قال: «الصِّيَامُ»، والألف واللام هنا للاستغراق، فيشمل المفروض والمتطوَّع به، المتنفَّل به «جُنَّةٌ» أي وقاية، وقاية من ماذا؟ قلت: إما في الدنيا وإما في الآخرة، وإما في الدنيا والآخرة. وأقرب الأقوال أنه جنة في الدنيا وفي الآخرة، أما جنة في الدنيا فقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: «فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ». هذا بيان وجه كونه جنة في الدنيا، أي: أنه وقاية للإنسان من سيئ الأخلاق، تهذيب للمرء وتزكية، حيث إن الصائم مندوب إلى أن يكف أذاه عن الناس، أن يكف شره عن الناس، ألا يقابل الإساءة بإساءة، يعني ليس فقط كفًّا للشر، بل ما هو أعلى؛ ألا يقابل الإساءة بإساءة، بل يمتنع لأجل صومه من أن يقابل الإساءة بالإساءة مع أن الله أذن؛ قال تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَاالشورى: 40، وكذلك قال: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ البقرة: 194، لكنه في حال الصوم ترتقي المنزلة، وتسمو النفس، فيُندب للصائم ألا يقابل الإساءة بمثلها، بل يكف في الابتداء شره عن الناس، فإن وقع عليه شر من الناس فإنه لا يقابله بمثله بل يمتنع لأجل صومه.

دليل ذلك قال صلى الله عليه وسلم: «فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ» هذا بيان أنه ينبغي للصائم أن يكف سيئ القول وسيئ العمل؛ فإن قوله: «فَلَا يَرْفُثْ» أي: لا يتكلم بسوء، وقوله: «لَا يَجْهَلْ» أي: لا يعمل بسوء، فالجهل يطلق على الفعل والقول، لكن لما ذُكر الرفث، فالرفث يُقصد به القول في هذا السياق، والجهل يقصد به العمل، ويمكن أن يقال: «فَلَا يَرْفُثْ» المراد به هنا الكلام السيئ، «ولَا يَجْهَلْ» قولًا وعملًا، فيكون هذا من باب عطف العام على الخاص؛ لأن «وَلَا يَجْهَلْ» يشمل كف السوء قولًا وعملًا.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق
مسلم
بارك الله فيكم
1441-02-13