قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَمْنَعَنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ حَتَّى يُؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» يدل على أن الأذان مانع من المفطرات. ويشهد لهذا الآية؛ إذ إن الله تعالى قال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ﴾ البقرة: 187 فغَيَّا الله تعالى الأكل والشرب وسائر المفطرات إلى تبين الفجر، فإذا تبين وجب الإمساك، وعلى هذا إذا تحقق الإنسان من أن الفجر تبين وجب عليه الإمساك.
وما يثار ويقال عن الأذان من أنه يجوز الأكل وقت الأذان هذا في حال واحدة، وهي حال ما إذا كان الأذان مشكوكًا في موافقته للوقت، يقال: «لا يَمْنَعَنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ» لكن إذا كنت تعلم أن المؤذن يؤذن على الوقت، أو أنت كنت في مكان وكان معك من يؤذن ورأى الفجر وأذن، فيجب عليك الإمساك، ولا يجوز لك أن تأكل شيئًا؛ لأن النبي قال: «لا يَمْنَعَنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ حَتَّى يُؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» والمنع من كل المفطرات.
وما جاء في حديث أبي هريرة من أنه قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ إِنَاءٌ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ» سنن أبي داود (2350)، وصححه الحاكم (729) هذا الحديث في إسناده مقال، وعلى القول بصحته فلا بد أن يُحمل على بقية الأحاديث، فهو محمول على ما إذا كان الأذان مشكوكًا فيه، أو لم يتبين، أما إذا تبين فلا مجال؛ لأن الآية واضحة ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ البقرة: 187 والحديث بيِّن: «لا يَمْنَعَنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ حَتَّى يُؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».