"بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ"
عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي: كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا.
وَعَن عَائِشَةَ وابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى".
أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وسُميت بهذا الاسم لأنهم كانوا يشرقون فيها اللحم. هذا أقرب ما قيل في سبب هذه التسمية.
وقد جاء النهي عنها، ولذلك لم يذكر المصنف رحمه الله فيها نهيًا، إنما قال: باب صيام أيام التشريق، يعني ما جاء، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تصوم أيام منى، وكان أبوها يصومها: "أَخْبَرَنِي أَبِي: كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا" أي: أبو بكر رضي الله عنه "يَصُومُهَا".
وجاء عنه أيضًا ما نقل عن ابن عمر وعن عائشة: "لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ" وذلك أنها أيام عيد كما جاء في حديث نُبيشة الهُذَلي؛ أنه قال صلى الله عليه وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» وفي رواية: «وَذِكْرٍ للهِ» مسلم (1141)، فهي أيام يُتقرب فيها إلى الله تعالى بإظهار الذكر والأكل والشرب طاعةً لله عز وجل.
وما جاء عن عائشة رضي الله عنها لعلها فهِمت أن ذلك في حق من كان حاجًّا أنه لا يُرخص للحاج الصيام إلا من لم يجد الهدي، أما من عداه فإنه له أن يصوم هذه الأيام. والأقرب في العموم أن يقال: إنه يُنهى عن صيام أيام التشريق؛ وذلك لما جاء عن عائشة وعن ابن عمر رضي الله عنهما.