الزكاة من منهج السالكين

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 86

التاريخ : 2025-01-23 10:11:54


وقد ذكر المصنف -رحمه الله- هذا الوجوب، ذكر صفات من تجب عليه الزكاة، فقال: (على كل مسلم). فخرج به غير المسلم.

أما هل هو معاقب  على ترك الزكاة أو لا، هذه مسألة تندرج تحت أصل معروف عند العلماء وهو هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، أم لا؟ والصواب: أنهم مخاطبون بفروع الشريعة، لكنهم لا يصلح منهم الإتيان بالفروع دون الأصل، فأصل تلك الفروع هو الإسلام، فإذا أتوا به صح بقية العمل، وإذا لم يأتوا به فإنه لا يصح منهم عمل.

قال -رحمه الله-: (وهي واجبة على كل مسلم). هذا الوصف الأول، أو الشرط الأول فيمن تجب عليه الزكاة، الإسلام.

 (حرّ). خرج به العبد، وذاك أن العبد لا يملك المال، ومن شروط وجوب الزكاة الملك، كما سيأتي في الشرط الثالث.

الشرط الثالث: (ملك نصابًا). الشرط هنا حقيقة مركب من شيئين:

• الملك، هذا شرط.

• وبلوغ النصاب هذا شرط.

فقوله: (ملك نصابٍ). هذا تضمن شرطين: الشرط الأول ما هو؟، الملك، بأن يملك، والشرط الثاني: بلوغ النصاب، والمقصود بالملك هو تمام القدرة على التصرف في المال، والانتفاع به، هذا الملك، وهذا ما يفيده الملك، إذا ملكت شيئا كان لك تمام الانتفاع، وتمام التصرف، قد يقول قائل: تمام الانتفاع يحصل بالإجارة، نعم، لكن لا يحصل تمام التصرف، تمام التصرف لا يكون إلا للمالك.

وأما النصاب فهو قدرٌ إذا بلغه المال وجبت فيه الزكاة، هذا تعريف النصاب، والمرجع في تحديد هذا القدر إلى النصوص الشرعية، ولهذا جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس، في بيان أنصبة الزكاة، قال: «في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة ».[ صحيح البخاري: باب زكاة الغنم, حديث رقم: 1386] وهلم جرًّا مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، فالنصاب مرجعه ومرد معرفته إلى ماذا؟، إلى النص الشرعي، فليس محل اجتهاد، إنما هو مقدر بالتفصيل في كل الأموال التي تجب فيها الزكاة.

قال -رحمه الله-: (ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول). هذا الشرط الخامس، من شروط وجوب الزكاة، مرور الحول، (ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول).

قوله -رحمه الله-: (لا زكاة في مال). أي: لا تجب زكاة في مال (حتى يحول عليه الحول). أي: يمضي عليه عامٌ، هذا الأصل في زكاة الأموال.

ودليل ذلك، دليل هذا الإجماع، فقد أجمع العلماء على أن الزكاة لا تجب في المال إلا إذا حال عليه الحول، وقد جاء ذلك في حديث عن علي رضي الله عنه وعن عائشة، إلا أن الأقوى في الاستدلال الإجماع؛ لأنه ثابت، وأما هذه الأحاديث ففي أسانيدها مقال.

ثم قال: (إلا). استثنى من هذا الشرط الخامس من شروط وجوب الزكاة أمرين، قال: (إلا الخارج من الأرض). هذا الأول، (الخارج من الأرض). المقصود به النباتات والزروع والثمار، فالخارج من الأرض لا تشترط لوجوب الزكاة فيه مرور الحول.

الدليل على هذا قوله تعالى: { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.[ سورة: الأنعام، الآية (141).] فالله تعالى أوجب الزكاة فيما يحصد، ومثله ما يجنى من الثمار يوم حصاده، وذاك يوم قطافه، وتمكن أخذه، هذا الاستثناء الأول.

  

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد،،،

يقول المصنف رحمه الله: (كتاب الزكاة ). مناسبة الإتيان بكتاب الزكاة بعد كتاب الصلاة ظاهرة، فالزكاة قرينة الصلاة، وهي الوالية لها في المرتبة والمنزلة، والله تعالى قد قرن في كتابه بين الصلاة والزكاة في مواضع عديدة، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[ سورة: البقرة، الآية (110)]. {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ }[ سورة: المائدة، الآية (55).]. وما أشبه ذلك من الآيات التي يذكر الله تعالى فيها الزكاة مع الصلاة.

وهي ركن من أركان الإسلام، دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، وهي حق في المال، والزكاة عنوان صلاح ما بين الإنسان والناس، لها أحكام عديدة تتعلق بالأموال التي تجب فيها الزكاة، وكذلك مقادير الزكاة، مقادير الأنصبة التي تجب فيها الزكاة، ومقدار الزكاة في كل نصاب، وكذلك فيما يتعلق بمصارفها وأهلها، كل ذلك يتناوله الفقهاء -رحمهم الله- في هذا الباب، كتاب الزكاة.

ويلحقون به زكاة الفطر، وأيضًا يذكرون جملة من الأحكام المتعلقة بالصدقة، والتطوع ببذل المال، هذا ما يتصل بهذه الترجمة، وهو مناسبتها لما قبلها، يقول رحمه الله: (كتاب الزكاة).

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد،،،

فاللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين، قال العلامة السعدي -رحمه الله- تعالى:

(كتاب الزكاة، وهي واجبة على كل مسلم حر ملك نصابًا،  ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، إلا الخارج من الأرض، وما كان تابعًا للأصل، كنماء النصاب، وربح التجارة، فإن حولهما حول أصلهما.

ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع: السائمة من بهيمة الأنعام، والخارج من

الأرض، والأثمان، وعروض التجارة).

بدأ المصنف -رحمه الله- هذا الباب بهذه المقدمة المتعلقة بذكر الأحكام العامة، للزكاة، وهذا ما جرى عليه الفقهاء -رحمهم الله- في بدايات كتبهم، غالب الفقهاء في بدايات الكتب يذكرون الأحكام العامة التي يحتاج إليها في هذا الباب، هذا في المقدمة يذكرونها، ثم بعد ذلك بعد الأحكام العامة التي تعم الباب ويحتاج إليها في كل تفاصليه، يذكرون جملة من المسائل في أحكام تتعلق بالباب.

فأول ما بدأ به المصنف -رحمه الله- هو بيان حكم الزكاة، ولم يعرف الزكاة، لأن الزكاة معروفة، والباب، والكتاب مبني على الاختصار، الزكاة في اللغة: الطهارة والنماء.

وأما في الشرع فهي: حقٌّ في المال، حقٌّ في مال مخصوص يصرف في جهة مخصوصة، ويمكن أن يقال: حق في المال على وجهٍ مخصوص، وهذا يختصر ما يتعلق بالأموال.

وما يتعلق بالمال الذي تجب فيه الزكاة نصابًا وقدرًا، والجهات التي يصرف فيها الزكاة، إذا هو حقٌّ في المال على وجه مخصوصة، هذا يجمع جملة من المسائل المتعلقة بالزكاة، إنما المهم أن نعرف أن الزكاة حقٌّ في المال، والله تعالى قد فرضه على أهل الإسلام، ولذلك قال: وهي واجبةٌ.

ودليل وجوبها: أمر الله تعالى بها في كتابه، وكذلك نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته، وقد أجمع على ذلك علماء الأمة، فهي واجبة، ووجوب الزكاة لا يتعلق بالأشخاص، إنما يتعلق بالمال في الأصل، ولهذا تجب الزكاة في المال، ولو كان مالكه صغيرًا، غير مكلف، ولو كان مالكه مجنونًا، فالزكاة حق في المال.

قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }[ سورة: التوبة، الآية (103).]. فهو حقٌّ في المال، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم في بيان ما يجب في الزكاة على سبيل المثال، «في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة ».[ صحيح البخاري: باب زكاة الغنم، حديث رقم: 1386.]

فيبين أن الزكاة في المال نفسه، وعلى هذا غالب الأحاديث، «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ». [ سنن النسائي: بَاب زَكَاةِ الْإِبِلِ، حديث رقم: 2444.]« لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ ». « عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًّا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر ) ».[ صحيح البخاري: باب العشر فيما يسقي من ماء السماء وبالماء الجاري, حديث رقم:1412.] كل هذا يبين أن الزكاة تتعلق بماذا؟، بالمال نفسه، فهي حق في المال، بغض النظر عن مالكه، فإذا توافرت الأوصاف في المال الذي تجب زكاته، فإنه يجب إخراج الزكاة.

  

ثم في القسم الثالث في المقدمة ذكر الأموال التي تجب فيها الزكاة، وهو ما سماه الأموال الزكوية، وفي لغة المعاصرين يسمونها الوعاء الزكوي، إذا سمعت الوعاء الزكوي في لسان المعاصرين، فالمقصود به الأموال التي تجب فيها الزكاة، لأن بعض الناس يستعمل هذه الاصطلاحات الجديدة، ويقول هذا لا يدخل في الوعاء الزكوي، ما يدري هذا الوعاء الزكوي.

المقصود بالوعاء الزكوي: "الأموال التي تجب فيها الزكاة"، فقوله: (ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع). هذا نص على الأموال التي تجب فيها الزكاة، وفهم من هذا أن الزكاة لا تجب في كل الأموال، فقوله: (ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع). قصر وجوب الزكاة على هذه الأنواع الأربع، وفهم منه أنها لا تجب فيما عداها.

وهذا الحصر والقصر على الزكاة في هذه الأموال المعينة، دليله النص، وإلا فعموم قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }.[ سورة: التوبة، الآية (103).] دالٌّ على وجوب الزكاة في كل الأموال، وهذا يشمل كل ما يُتَمول، سواءً كان ما يتمول نقودًا، عرضًا، متاعًا، عقارًا، فيشمل الجميع.

لكن هذا التخصيص في هذه الأصناف الأربعة هو المستند للدليل، يعني التخصيص استند إلى دليل، وبالتالي قصره على هذه الأصناف الأربعة لورود الدليل بالقصر، وإلا فالظاهر من قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}.[ سورة: التوبة، الآية (103).] أن الزكاة تجب في كل المال، لكن الأدلة دلت على أن الزكاة تجب في أموال محددة معينة، نقف على قول: (ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع).

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق