فروع الفقه لابن عبدالهادي

من 1439-06-03 وحتى 1440-01-30
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 3500

التاريخ : 2017-03-22 03:57:27

طباعة الصفحة   

بدأ -رحمه الله- بالعبادات، وهو الذي سنقرؤه -إن شاء الله تعالى- في هذه المجالس، قال: "الأول" أي: من الأشياء التي يدور عليها الفقه في العبادات.

قوله رحمه الله:"الأول في العبادات، وهي خمسة: أولًا: الصلاة.  ثانيًا: الزكاة.ثالثًا: الصوم. رابعًا: الحج.خامسًا: الجهاد".

لا خلاف بين العلماء على اختلاف تصانيفهم الفقهية أنهم يبدءون في بيان الأحكام ببيان أحكام العبادات، فالبداءة بالعبادات تتفق عليها كل المدونات الفقهية، بعض الفقهاء يذكرون في مقدمة كتبهم الفقهية شيئًا مما يتعلق بالعقائد، كما فعل أبو زيد القيرواني -رحمه الله- في رسالته الشهيرة، لكن هذا من النادر في مؤلفات الفقهاء؛ لأن ما يتعلق بالعقائد خصه العلماء بمؤلفاتٍ خاصة؛ ذكروا فيها ما يتصل بأصول الإيمان بالله والملائكة وما إلى ذلك من بقية الأصول، وتوحيد الربوبية والإلهية، وما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات، خصوه بمؤلفات خاصة، وأما الفقه فإنهم يبتدئون فيه بالعبادات العملية، ابتداءً بالصلاة فما بعدها من العبادات.

فالمؤلف -رحمه الله- جرى على ما جرى عليه العلماء من البداءة بالعبادات قبل المعاملات، وسبب ذلك: أن العبادات مما يتعلق بالآخرة، فالبداءة بما يحصل به صلاح الآخرة أولى مما يتعلق بصلاح الدنيا، ولذلك ابتدأ الفقهاء بأحكام العبادات؛ اهتمامًا بالأمور الدينية، وتقديمًا لها على الأمور الدنيوية، فالمقصود بالعبادات التحصيل الأُخروي وهو من أهم ما خُلق من أجله الإنسان، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الذاريات: 56.

    

والعبادات جمع عبادة، وهي:" اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، الواجبة والمستحبة"

 هذا أجمع تعريفٍ للعبادة: "اسمٌ جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة"؛ أي: أعمال القلوب، وأعمال الجوارح، الواجبة والمستحبة.

    

 وقد عدَّ الفقهاء العبادات على نحو ترتيبها في حديث عبد الله بن عمر في بناء الإسلام، حيث قال: »بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ»، قال: «وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا». فذكروا في ترتيب الفقه وأبوابه ما جرى عليه ترتيب ذِكرها في حديث عبد الله بن عمر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: » بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ ».

    

وقد ذكر المصنف -رحمه الله- في جملة ما ذكر من أبواب العبادات ذكر الجهاد، وقد توهَّم بعض أهل العلم أن ذِكر الجهاد لكونه الركن السادس من أركان الإسلام، وقال ذلك بعضهم.

والصواب أن الجهاد ليس ركنًا من أركان الإسلام، بل هو في المنزلة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث معاذ: «ذِرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ» لكنه ليس ركنًا من أركانه، فأركان الإسلام العملية أربعة: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وإنما ذكر العلماء الجهاد في قسم العبادات لأن الغالب فيه التعبد لله -جل وعلا- والتقرب إليه، ولذلك لما سأل الرجل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يُقاتل يبتغي الأجر والذكر، ما له؟ قال: «لَا شَيْءَ لَهُ؛ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا كَانَ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ»، في آخر جوابه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وقد جرى على تصنيف الجهاد ضمن أبواب العبادات فقهاء الحنفية ومتأخرو فقهاء الحنابلة، وأما فقهاء الشافعية والمالكية فيذكرون كتاب الجهاد أو ما يتعلق بأحكام الجهاد في قسم المعاملات، لا في قسم العبادات. ففقهاء الحنفية ومتأخرو فقهاء الحنابلة صنفوا الجهاد ضمن العبادات، فذكروه في قسم العبادات.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق