قال رحمه الله:"الأول منها: الصلاة، وتشتمل أمورها على سبعة أشياء:
أولها: شرط. ثانيها: ركن. ثالثها: واجب. رابعها: سُنة. خامسها: مباح. سادسها: مكروه سابعها: محرم".
بدأ المؤلف -رحمه الله- بالصلاة لأنها عمود الإسلام، ولأنها المُقدَّمة ذِكرًا بعد العقائد في كل النصوص الشرعية؛ فإن الله -عز وجل- يبدأ بذكرها في سياق ذكر الأعمال الصالحة، وهي أول ما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأعمال بعد التوحيد، فلذلك بدأ العلماء -رحمهم الله- في بيان أحكامها قبل غيرها من العبادات، وقد بيَّن لنا المؤلف -رحمه الله- كيف سيتناول فروع الصلاة؛ أي: أحكام الصلاة.
قوله رحمه الله : "الأول منها الصلاة"؛ أي: الأول من العبادات بيانًا ومنزلةً وفضلًا الصلاةُ.
قوله رحمه الله "وتشتمل أمورها"؛ أي: أحكامها وما يتعلق بها من المسائل.
قوله رحمه الله "على سبعة أشياء".
إذن سيصنف أحكام الصلاة وفق هذه الأشياء السبعة، وهذه الأشياء السبعة هي الأحكام الفقهية.
قال: شرط، وركن، وواجب، وسُنة، ومباح، ومكروه، ومحرَّم.
هذه سبعة أحكام فقهية، وهذه الأحكام تنقسم في تصنيف الأحكام إلى قسمين: أحكام تكليفية، وهذا الأكثر ذكرًا، وأحكام وضعية؛ أي: من وضع الشارح، وهي قوله رحمه الله: "شرط"، فالشرط من الأحكام الوضعية.
قوله رحمه الله:"وواجب، وسنة، ومباح، ومكروه" هذه كلها أحكامٌ تكليفية، فقوله -رحمه الله- في ذكر أحكام الصلاة، وفي مبدأ ذكره لطريقة بحثه لمسائل الصلاة.
قوله رحمه الله: "وتشتمل أمورها على سبعة أشياء" هذه الأشياء كلها أحكامٌ شرعية؛ إما تكليفية، وإما وضعية، وقد رتبها المصنف -رحمه الله- حسَب أهميتها وأثرها، فبدأ بالشرط؛ وذلك أن الشرط يسبق الصلاة، ثم ذكر الركن؛ وذلك أن الركن لا تصح العبادة إلا به، ولا يسقط نِسيانًا ولا جهلًا، ثم بعد ذلك ذكر الأحكام المتعلقة بما دون ذلك من الوجوب وغيره، فرتبها -رحمه الله- حسب أهميتها وأثرها في الصلاة، وابتدأها -رحمه الله- بذكر الشرط.
فقوله رحمه الله: "على سبعة أشياء"؛ يعني: على سبعة أحكام، أولها: الشرط، وهذا الطريق الذي سلكه -رحمه الله- سنلحظه في بقية تناوله للأحكام؛ لذلك نقف عند هذا التقسيم بعض الشيء حتى يتبين لنا ما المقصود بهذه التصنيفات التي ذكرها رحمه الله.
أما الأول: الشرط فهو الذي يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. هكذا يُعرف الأصوليون والفقهاء الشرط؛ هو: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم لذاته، وهو ما لا بد منه في العبادة ويستغرقها؛ أي: يكون فيها إما سابقًا لها، وإما أن يكون سابقًا لها وفي أثنائها، يُستصحب حكمه.
والشروط تنقسم إلى قسمين: إما أن تكون شروط صحة، وإما أن تكون شروط وجوب، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى.
الثاني مما ذكر: الركن، والركن هو جانب الشيء الأقوى، هذا تعريفه في اللغة.
وأما في الاصطلاح: فهو ما كان في العبادة لا يسقط عمدًا، ولا سهوًا، ولا جهلًا. وقد فرق بعض أهل العلم بين الركن والشرط: بأن الركن من ماهية العمل؛ أي: جزءٌ من أجزائه، وأما الشرط فهو خارجٌ عن ماهيته؛ يعني: ليست جزءًا من أجزائه، لكن لا بد من توافره في جميع أجزائه، فالركوع على سبيل المثال ركنٌ، وهو جزءٌ من أجزاء الصلاة. واستقبال القبلة شرطٌ؛ لأنه مطلوبٌ من افتتاح الصلاة إلى اختتامها، فهو موجودٌ في جميع أجزائها، من البداءة إلى الانتهاء.