الحج فرضه الله تعالى على الناس، وبيَّن فرضه وذكر ذلك الفرض مَنوطًا بشرط؛ فقال جل في علاه: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ آل عمران: 97.
هذه الآية بينت جملة من الشروط، فمن شروط الحج: الإسلام، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا، وابتُغي به وجهه، ولا يتحقق هذا إلا بالإسلام؛ فإن أول ما يطلبه الله عز وجل من العباد، هو أن يؤمنوا به وأن يسلموا له جل في علاه، ثم بعد ذلك تأتي بقية الفرائض والشرائع.
وقد قال الله جل وعلا في محكم كتابه، في بيان مآل ومنتهى أعمال أهل الكفر، قال: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ الفرقان: 23، فلا يجدون من تلك الأعمال شيئًا يوم القيامة، ليس ظلمًا فالله لا يظلم الناس شيئًا، لكن لأن ما يكون من تلك الأعمال التي تكون صالحة، لا تكافئ شيئًا من نعم الله وإحسانه على عباده، ولذلك تتبدد.
أما المؤمن فإنه وإن كانت أعماله لا توازي نعم الله عليه، ولا تكافئ إحسانه إليه، لكنها بفضل الله عز وجل سبب لتحصيل الجنة، والفوز بعطاء الله وفضله، ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ الزخرف: 72. وهكذا الآيات الدالة على أن الجزاء كان بسبب ما فعله الإنسان من الأعمال الصالحة.