والمجيء إلى هذه البقعة في اليوم الثامن سُنة باتفاق العلماء، وليس فرضًا ولا واجبًا، وبالتالي مَن لم يأتِ فإنه لا يخلو من حالين، إما أن يكون عدم مجيئه لعذر، فهنا يُكتب له ما نوى من الرغبة في المجيء إلى منى، ولكن حال بينه وبين ذلك العذر، والله تعالى من فضله، وعظيم إحسانه، وكبير امتنانه على عباده أن يعطيهم ما نووا، ولو لم يعملوا، إذا صدقت النيات، وصدق العزم، وصح القصد، فالله يبلغك ما أملت من خير، ولو لم تعمله، قال الله جل وعلا: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾النساء: 100 فضل الله على عباده أن يثبت لهم أجر ما نووا.
هذه الحال الأولى، لا تتمكن من المجيء إلى منى في يوم التروية لأجل عذر، فلا شيء عليك، والأجر لك موفور.
ومن الأعذار أن الحملة تكون قد رتبت التوجه مباشرة من مقرها إلى عرفة، فهنا ما عندك إمكانية المجيء، ولا تستطيع أن تأتي بمفردك، والتنقلات صعبة، فهنا لك ما نويت، ولك أن تذهب مباشرة مع الحملة إلى عرفة، سواء في يوم ثمانية، أو في يوم تسعة.
الحالة الثانية: أن يترك الإنسان ذلك رغبة عنه، فهنا يفوته أجر ما يكون من السنة بالمجيء إلى هذه البقعة المباركة، لكن لا نقص في حجه نقصًا يخل به، إنما يفوته أجر ما يتعلق بسنة المجيء.