وقوله -رحمه الله- "نحو الرشاد": أي دلنا نحو إصابة الحق، فالرَّشَادِ هو إصابة الحق على بصيرةٍ وهدى، وَضِدَّهُ الْغَيِّ؛ كما قال الله تعالى-: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾[يوسف:108].
فالرشاد ضد اَلْغَيِّ الذي يتضمن المخالفة للحقِ بعِلْمٍ وَإِدْرَاك، فَالْغَيَ: هو خروج عن الهدى مع العلم والإدراك لذلك الإخراج.
قَالَ «وَعَلَّمَا»: أي وعرف الْخَلْقَ بِمَا أَوْحَاهُ الله-تعالى- إليه بما يُقَرِّبَهُم إلى الله –جَلَّ وَعَلَىَ- وَيُعَرِّفَهُم به كما تقدم في أول الحديث، أن النبي –صَلَّىَ اللهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ- جَاءَ يَدْعُو الخْلَق إِلَىَ مَعْرِفَةِ الله، وَإِلَى الْسَعْي في مَرْضَاتْهِ.
وهذانِ هما موضوع الرسالات جميعاً؛ فالرسالات جَمْيعَاً دَائِرَة على هذين الأمرين التعريف بالله، ودعوة الخلق إلى سلوك الصراط المستقيم الموصل إلى الله –عَزَّ وَجَلَّ- فالرسُل –صلوات الله وسلامه عليهم- جاءوا يُعَرِّفُونَ الناس بهذين الأمرين وهذا معنى قوله: «وعَلَّمَا» أَي عَلَّمَ الْخَلق بما يحصلوا لهم به العلم بالله والعلم بالطريق الموصل إليه.