أسباب حياة القلوب

من 2018-03-14 وحتى 2021-03-01
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1553

التاريخ : 2018-04-08 16:00:01


قوله: تدَّبرْ كلا الوحيين وانقدْ وسَلِّما

هذا ذكر أول الأسباب التي يستنير بها القلب، وهو تدبر الوحيين الكتاب والسنة، الله –جلَّ وعلا- أمر بتدبر كتابه بل جعل علة الإنزال تدبر القرآن، قال جل في علاه: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ[ص: 29] فجعل علة الإنزال التدبر، ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ[الزمر: 27-28] فجعل ضرب الأمثال في هذا القرآن للذكرى، والذكرى ثمرة التدبر، ولذلك قال في الآية التي سبقت في سورة ص ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ فالتذكر ثمرة التدبر.

وقد عاب الله تعالى على من ترك التدبر، فقال: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾[محمد: 24] وقال –جل وعلا-: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ[المؤمنون: 68]

  

والتدبر: هو فهم الكتاب والسنة، فهم الوحيين وذلك بالتأمل في نصوص القرآن وأخبار سيد الأنام وإعادة النظر في الوحيين مرة تلو مرة؛ لفهم نصوصهما وإدراك ما احتواه واشتملا عليه من المعاني، وهذا غاية الفقه وأعلى الفقه فهم معاني كلام الله ومقاصد رسول الله.

ولذلك التدبر مفتاح العلوم والمعارف، وبه يدرك الإنسان صلاحَ قلبه وصلاحَ عمله، ولهذا لم يبدأ بسبب قبل التدبر لأنه التدبر هو المفتاح، فمن وفق إليه حي قلبه وسَمَت روحُه واستقامت أحوالُه، قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا[الشورى: 52] ترى أول شيء وصفه بأنه روح والروح بها الحياة، ثم ذكر النور والنور تكمل به الحياة، فالنور زيادة؛ لذلك يقول الله تعالى في الآية الأخرى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ[الأنعام: 122] فجعل النور بعد الحياة.

ولذلك أكمل ما يكون في حال الإنسان أن يكون منور القلب، لأن منور القلب حيّ قلبه وازداد فضلًا باستنارة قلبه وانقشاع الظلمة عنه، ولهذا ينبغي لمن أراد استنارة قلبه أن يقبل على كتاب ربه وعلى سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- تفهمًا لمقاصدهما، وفهما لمعانيهما وإدراكًا لمضمونهما فهذا هو العلم.

فالقلوب حياتها بالروح وقوتها بالنور ولا حياة ولا نور إلا فيما جاء به القرآن العظيم وما بيَّنه سيد الأنام صلوات الله وسلامه ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه﴾ فالوحيان الكتاب والسنة منشأ كل هداية، فمن أراد الهداية فليتدبر الكتاب والسنة.

فمعنى تدبر الوحيين: الفهم عن الله وعن رسوله، وذلك لا يتحقق بمجرد قراءة مرة واحدة، وإدراك المعنى اللفظي فقط بل بإعادة النظر، ولذلك المشركون لم يقل الله –عز وجل- لم يفهموا القول قال: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ[المؤمنون: 68]، ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ﴾[محمد: 24] هم فهموه ولو لم يفهموه ما قامت عليهم الحجة، لكن الذي حصل أنهم لم يدبروه، لم يتأملوا معانيه، لم يقفوا عند دِلالاته ليستدلوا بها على ما ينجون بها من الهلاك، إنما اقتصروا فقط على نظر حسير وفهم مقتصر على إدراك معنى لن يؤثر في قلوبهم صلاحًا واستقامة.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق