قال -رحمه الله- في السُّنة السادسة: «وقوله جهرًا إذا شُتم: إني صائم».
وقوله «جهرًا» أي يُسمع بذلك الشاتم، «إذا شتم»: أي تكلم فيه أحدٌ بكلام قبيح، بسبٍّ، أو لعن، أو غير ذلك من الكلام الرديء، والذي يكرهه.
«إني صائِمٌ»: يُخبر بذلك استنادًا إلى ما جاء في الصحيحين من حديث أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، ولا يجهل».
فنهى عن هذه الخصال الثلاثة:
- الرفث: وهو القول المتعلق بالشهوة، وكذلك العمل.
- ولا يصخب: أي لا يرفع صوته.
- ولا يجهل: أي لا يعمل بأعمال الجهل التي تكون في القول أو في العمل.
« فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ»: أي بدأه أحد بالإساءة، أو قاتله بالفعل، فالمشاتمة تعدٍّ بالقول، والمقاتلة بالفعل.
" فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ"، أي لا يقابل ذلك بمثله، لا قولًا ولا فعلًا، بل يقول: "إني صائم"، إلا أن يدفع عن نفسه صائلا بكفِّ أذاه. فإذا كان لا يندفع بــ قوله "إني صائم" دفعه بما يندفع به أذاه.
وليس في هذا إعلانٌ وإِظهارٌ للعبادة على وجه الرياء، بل هو مما تُظهر فيه العبادةُ لمصلحة، وهي بأمر الشارع، ولا ينافي ذلك الإخلاص، ولا يُنقص أجرَ العبادة.
"وقوله جهرًا إذا شتم: إني صائم": يشمل صوم الفرض وصوم النفل؛ لأن المؤلف لم يقيد ذلك بفريضة ولا بنافلة، بل أطلق ذلك، والسنن المذكورة جميعها ليست مما يختص الفرد، بل تكون في الفرد وتكون في النفل. فقوله (وسننه ستة): سنن الصوم، سواء كان فرضًا أو كان نفلًا.