أول مسألة يبحثها الفقهاء فيما يتعلق بكتاب الصوم هو بماذا يثبت الشهر؟
يعني بماذا يثبت رمضان؟
فجمهور الفقهاء يذكرون في ثبوت الشهر طريقين؛
الطريق الأول: رؤية الهلال وهذا محل اتفاق لا خلاف بين العلماء أن الهلال يثبت به شهر رمضان، وأدلة هذا كثيرة منها ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» [ صحيح البخاري(1909)، ومسلم(1081)]، وحديث ابن عمر في الصحيحين أيضًا «لا تَصُومُوا حتَّى تَرَوْهُ، ولا تُفْطِرُوا حتَّى تَرَوْهُ» [صحيح البخاري(1906)، ومسلم(1080)] وأحاديث غير هذه كثر، لكن هذا أبرز ما في هذا الباب من الأحاديث.
هذا هو الطريق الأول، وهو محل اتفاق لا خلاف بين العلماء في كونه مما يثبت به الشهر.
الطريق الثاني: إكمال عدة شعبان في حال تعذر رؤية الهلال، في حال تعذر رؤية هلال رمضان، فالطريق الثاني لثبوت الشهر هو إكمال العدة، وهو مستفاد أيضًا من الحديثين، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «فإنْ غُمَّ علَيْكُم» وفي رواية: «فإنْ غُبِّيَ علَيْكُم فأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ»[صحيح البخاري(1909)] فهذان الطريقان طريقان جاء بهما النص واتفق عليهما علماء الأمة في أنهما طريقان لإثبات الهلال.
فيما يتصل بطريق ثالث ذكره الفقهاء وهو خاص بفقهاء الحنابلة، أي ذكره فقهاء الحنابلة، واختاروه دون غيرهم، وهو ألا يروا الهلال مع وجود غيم أو قطر ليلة الثلاثين من شعبان فإنهم يصبحون صائمين، لكن هذا لا نشغل أذهاننا فيه، لأنه مسألة خلافية ليس لها اتصال بما نحن فيه.
إذًا المجمع عليه من طرق ثبوت الشهر كم؟
طريقان؛ هما رؤية الهلال، الطريق الثاني إكمال عدة شعبان.
فيما يتصل بطريق إكمال العدة، أو إكمال العدة يستند إلى أي شيء، إلى رؤية أو حساب؟
حساب إكمال العدة حساب، وبه تتصل أو هو مما يتفرع عليه بحث مسألة اعتماد الحساب الفلكي في ثبوت الأهلة، وهذه مسألة في الحقيقة ليست من النوازل، وإن كان الكلام يكثر حولها ويدور ويختلف فيها الفقهاء، لكن هي ليست من النوازل، هذا البحث تكلم عنه الفقهاء قديمًا.
وقد حكى بعض العلماء الإجماع على أنه لا يجوز اعتماد الحساب في إثبات الأهلة، وهذه المسألة حكاها حكى الاتفاق عليها عدد من أهل العلم، وعلى أقل الأحوال إذا لم تكن هذه المسألة إجماعيه، فهي قول الجماهير، وغالب علماء الأمة، وهي ليست مسألة حديثة، ولهذا سنتجاوزها مع أن فيها جوانب جدة، لكن لكون الوقت لا يتسع لكل النوازل، فنتكلم عن المسائل الحادثة وحدوثها أظهر من غيرها.