كتاب الزكاة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 544

التاريخ : 2024-12-29 04:39:25


الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

يقول المصنف –رحمه الله-: باب زكاة العروض هذا رابع أجناس الأموال التي تجب فيها الزكاة، وهي العروض وقد عرفها الشارح فقال: جمع عرض بإسكان الراء وهو ما أعد لبيع وشراء لأجل ربح، فكل ما كان من المال غير الذهب والفضة على اختلاف أنواعه وأجناسه من الثياب والحيوان وسائر المال فهو عرض.

وأما سبب هذه التسمية فقد ذكره الشارح فقال: سمي بذلك لأنه يعرض ليباع ويشترى، أو لأنه يعرض ثم يزول، وتسمية العروض بهذا الاسم هو من باب تسمية المفعول باسم المصدر، كتسمية المعلوم علمًا وقد ضبطه المؤلف بضابط جامع مانع فقال: ما أعد لبيع وشراء لأجل ربح، فالعروض التي يبحث في حكم زكاتها هي كل ما يعد لبيع وشراء لأجل ربح كعقار وحيوان وطعام وشراب وآلات ونحوها، ولو كان من النقد.

والأصل في وجوب الزكاة في عروض التجارة قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ[المعارج: 24] ونحو ذلك من العمومات التي فيها وجوب الزكاة في المال، ومال التجارة مال وهو من أعم الأموال فكان أولى بالدخول.

واستدلوا له أيضًا بما روى سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله ﷺ يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعد للبيعالمعجم الكبير للطبراني(7029)، قال الهيثمي: في إسناده ضعف. مجمع الزوائد(4377)(3/69) والقول بوجوب الزكاة في عروض التجارة قول عامة أهل العلم، بل حكى أبو عبيد الإجماع عليه فقال: وعليه أجمع المسلمون أن الزكاة فرض واجب فيها أي في العروض.

وأشار إلى القول الآخر فقال: وأما القول الآخر وهو عدم وجوب الزكاة في عروض التجارة، فليس من مذاهب أهل العلم عندنا، وهذا إشارة إلى أنه ليس إجماعًا محكمًا، وإنما هو قول عامة أهل العلم، به قال الفقهاء السبعة والأئمة الأربعة ونحوهم، واستدلوا لذلك بما تقدم.

وقال داود: لا زكاة في عروض التجارة واحتج بظواهر العفو عن صدقة الخيل والرقيق ونحوها، وأجاب الجمهور عن هذا الاستدلال بأن هذه الظواهر معارضة بعمومات الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في المال وأموال التجارة منه، ووجهوا ما جاء من أدلة على عدم وجوب الزكاة في عروض التجارة مما استدل به الظاهرية لأنها أموال لا تقصد للتجارة، وأن فيها زكاة في غير القيمة كزكاة الحلي ونحوها.

وعلى كل حال فقول عامة أهل العلم هو وجوب الزكاة في عروض التجارة.

 

  

وقال المؤلف –رحمه الله-: إذا ملك هذه العروض بفعله كالبيع والنكاح والخلع وقبول الهدية والوصية واسترداد المبيع بنية التجارة عند التملك أي إن وجوب الزكاة في العروض يشترط لها شروط:

أول هذه الشروط أن يملكها صاحب المال بفعله، والمقصود بفعله على ما ذكر المؤلف أي باختياره؛ كالبيع والنكاح، والخلع، وقبول الهبة، والوصية، والغنيمة، واكتساب المباح، فلا بد من فعل في التملك ليثبت وجوب الزكاة فيه، لأن ما لا يثبت له حكم الزكاة بدخوله في ملكه، لا يثبت بمجرد النية كالسوء، ولا فرق بين أن يملكه بعوض أو بغير عوض، لأنه ملكه بفعله أشبه ما لو ملكه بعوض، فيشمل المملوك بالهبة، والمكتسب من المباحات، والغنيمة.

وقيل: إنه لا يصير للتجارة، إلا أن يملكه بعوض، وهذا قول الشافعي –رحمه الله-فإن ملكه بغير عوض كالهبة والغنيمة ونحوها لا يصير للتجارة، لأنه لم يملكه بعوض أشبه الموروث، فكلام المؤلف –رحمه الله-يشمل جميع صور التملك الاختياري سواء كان بمعاوضة محضة خالصة كالبيع والإجارة والأخذ بالشفعة، وهبة الثواب ونحو ذلك أو بمعاوضة غير محضة كالنكاح والخلع والصلح أندم وعوض الخلع، أو كان بغير معاوضة كالهبة والغنيمة والوصية والاكتساب من المباح، استدلوا لذلك بحديث سمرة رضي الله تعالى عنه الذي فيه أن النبي ﷺ أمرهم أن يخرجوا الزكاة مما يعدونه للبيع، وهذا يشمل هذه الصور كلها ما اكتسب بمعاوضة محضة أو غير محضة أو من غير معاوضة إذا قصد به التجارة.

وقيل: بل يشترط في التملك للعروض أن يكون بمعاوضة سواء كانت محضة أو غير محضة، وهذا ما أشرنا إليه فيما تقدم من قول المصنف –رحمه الله-.

وقيل: لا بد من معاوضة.

وقيل: لا يصير للتجارة إلا أن يملكه لعوض وهو قول الشافعي.

وقوله –رحمه الله-: بنية التجارة عند التملك إشارة إلى أن النية معتبرة في جميع الحول، فتشترط نية التجارة في جميع الحول لا في بعضه، لأنه شرط في وجوب الزكاة، فاعتبر وجوده في جميع الحول كالنصاب، فإن لم ينوي التجارة عند التملك بأن تملكه للقنية، فلا تجب فيه الزكاة، وإن نوى التجارة بعد ذلك.

هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب، وعن أحمد رواية أن العروض تكون للتجارة بمجرد النية ولو ملكها بغير فعله، ولو ملكها بغير نية التجارة، لعموم قول النبي ﷺ: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى»صحيح البخاري(1) وهذا الرجل نوى التجارة، فتكون لها ولو في أثناء الحول، ولو كان ذلك بعد التملك.

قوله: أو استصحب حكمها فيما تعوض عن عرضها، أي: إن مما يتحقق به شرط تملك العروض بنية التجارة استصحاب نية التجارة فيما إذا اشترى شيئًا بعرض تجارة، فتجب فيه الزكاة، فلا يحتاج إلى نية التجارة، بل يكفيه استصحاب حكمها السابق بألا ينويها للقنية.

مثال ذلك: عنده عروض باعها وتعوض عن عرضها بعروض، فهنا لا يحتاج أن ينوي التجارة في هذا التملك الجديد، بل يكفي ما سبق من نية للعروض التي باعها.

هذا معنى قوله: أو استصحب يعني استبقى حكمها أي: حكم التجارة، وحكم نية التجارة فيما تعوض عن عرضها يعني فيما اعتاض ببيع ونحوه عن العروض السابقة، فهذا إشارة إلى أن نية التجارة تكون مستصحبة في هذه الحال بالنظر إلى وجودها في العرض الأول أي: في العروض الأولى التي باعها واعتاض عنها.

قوله –رحمه الله-: وبلغت قيمتها نصابًا من أحد النقدين زكى قيمتها أي: إن وجوب الزكاة في العروض يشترط له ما تقدم من شروط في وجوب الزكاة من بلوغ النصاب، من شروط وجوب الزكاة في الأموال أن تبلغ نصابًا فأشار إلى النصاب بقوله: وبلغت قيمتها أي: قيمة العروض نصابًا من أحد النقدين أي: الذهب أو الفضة.

ثم بين ما الواجب إخراجه في زكاة العروض فقال: زكى قيمتها أي: وجب عليه أن يخرج الزكاة من قيمة العروض، لا من العروض ذاتها، والعلة في وجوب إخراج الزكاة من قيمة العروض لأنها محل الوجوب، فالزكاة وجبت في العروض ببلوغ قيمتها نصابًا، فكان الواجب من محل الوجوب وهو القيمة، فيخرج ربع العشر وما زاد على النصاب فبحسابه، ويعتبر أيضًا في وجوب الزكاة في عروض التجارة الحول كما تقدم التنبيه عليه، وبهذا يتبين أنه لا تؤخذ الزكاة من العروض ذاتها، بل لو أخرج الزكاة في العروض من العروض ذاتها كان كما لو أخرج الزكاة من غير الجنس هذا هو المذهب، وعليه كثير من أهل العلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية يجوز الأخذ من عينها أيضًا، أي: يجوز إخراج الزكاة من العروض ذاتها لعموم الأدلة الواجبة لأخذ الزكاة من المال ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ[التوبة: 103] وكونها تجب في القيمة لا يمنع من أن تكون إخراج الزكاة من عين المال، وقيده بعضهم بالحاجة والمصلحة، والذي يظهر والله تعالى أعلم أن الأصل إخراج الزكاة من القيمة، لكن إن أخرجها من عين العروض وهي مما يمكن أن ينتفع به أهل الزكاة، فإنها تجزئ.

أما إن كان لا ينتفع منها أهل الزكاة، لا ينتفعون بعينها ويحتاجون إلى بيعها، فالأظهر والله تعالى أعلم أنها لا تخرج إلا من القيمة.

قوله –رحمه الله-: فإن ملكها بغير فعله كإرث أو ملكها بفعله بغير نية التجارة ثم نواها أي: التجارة، لم تصر لها أي للتجارة لأنها خلاف الأصل في العروض، فلا تصير لها بمجرد النية.

قوله –رحمه الله-: فإن ملكها بغير فعله كإرث أي: إن ملك العرض بالإرث لم يصل للتجارة، وإن نواه أثناء التملك لأنه تملك قهري، فليس تملكًا بفعله، فلا أثر للنية، ومثله عود العروض إليه بطلاق قبل الدخول، أو فسخ النكاح من قبلها لا من قبله، وكذلك اللقطة إذا مضى الحول لم تؤثر نية التجارة في هذه الأحوال لأجل أن التملك في هذه الصور بغير فعله، فهو تملك قهري جرى مجرى استدامة المال في يده.

ومثله أيضًا في عدم وجوب الزكاة، إذا ملكها بفعله بغير نية التجارة ثم نواها بعد ذلك، لم تصل للتجارة لأن الأصل في العروض القنية، فإذا صارت القنية لم تنتقل عنه بمجرد النية، كما لو نوى الحاضر السفر وكذلك عكسه ما لو نوى المسافر الإقامة يكفي فيه مجرد النية، وتقدم الخلاف قبل قليل فيما إذا ملكه بنية التجارة بغير معاوضة.

وقوله –رحمه الله-: إلا حلي لبس إذا نواه لقنية ثم نواه لتجارة، فيزكيه أي: يستثنى من اشتراط تملك العروض بنية التجارة لوجوب الزكاة الحلي المتخذ للبس، فإنه إذا نوى به التجارة، فيصير للتجارة بمجرد النية.

والعلة في هذا قالوا: لأن الأصل في الحلي التجارة، فإن نوى للتجارة فقد رده إلى أصله، وبالتالي إذا اتخذ حليًا للبس، ثم نواه للتجارة فإنه تجب فيه زكاة العروض، أما ما عدا الحلي المتخذ للبس من عروض التجارة فقد تقدم الخلاف فيما يتعلق بالعبرة من النية عند التملك، وأثر تغير النية بعد ذلك.

قوله –رحمه الله-: وتقوم العروض عند تمام الحول بالأحظ للفقراء، تقدم تقرير أن الواجب في زكاة العروض قيمتها وهنا بين كيفية التقويم فقال: وتقوم العروض عند تمام الحول أي: ينظر قيمة العروض عند تمام الحول عند كماله، لأنه الوقت الذي تجب فيه الزكاة، والنظر في التقويم بالأحظ للفقراء أي: الأنفع والأصلح من كون العروض تقوم بالذهب أو تقوم بالورق الفضة.

ولذلك قال: من عين أي: ذهب أو ورق أي: فضة، فإن كان الأحظ للفقراء أن تقوم بالذهب يعني أن تبلغ نصاب الذهب، فإنها تقوم بالذهب.

وإن كانت تبلغ نصاب الفضة، ولا تبلغ نصاب الذهب قومت بنصاب الفضة، وذلك أن الزكاة في عروض التجارة وجبت باعتبار أحد النقدين، فأي النقدين بلغته أولًا وجبت فيها الزكاة احتياطًا، ولا عبرة بما اشتريت به.

ولذلك قال: ولا يعتبر ما اشتريت به لا قدرًا ولا جنسًا، لا قدرًا من حيث الكمية والعدد، ولا ما اشتريت به جنسًا فلو اشتراها بذهب، ثم بلغت نصابًا بالفضة أو اشتراها بفضة وبلغت نصابًا بالذهب، فإنه يؤخذ بالأحظ للفقراء ولا ينظر إلى ما اشتريت به من ذهب أو فضة، لأنها تقوم بالأنفع للفقراء، ويدل لذلك ما جاء في حديث حماس قال له عمر لما مر عليه: أدى زكاة مالك فقلت: ما لي مالًا أزكيه إلا الخفاف والقدم، فقال: فقومه وأدى زكاته فأمره بتقويمه، وهذا يشمل التقويم بذهب أو فضة فما بلغت به نصابًا فإنه معتبر بوجوب الزكاة.

وقيل: صاحب المال يخير بين تقويم العروض بالذهب، وبين تقويم العروض بالفضة.

وقيل: بل المعتبر نقد البلد.

وقيل: بل يقوم بالفضة لأنه الأحظ غالبًا.

والقول بالنظر إلى نقد البلد أقرب إلى الصواب لا سيما فيما يتعلق بحال الناس اليوم، وما يجري به تعاملهم في الأوراق النقدية فيقوم بنقد البلد.

قوله –رحمه الله-: وتقوم المغنية: ساذجة، والخصي: بصفته، ولا عبرة بقيمة آنية ذهب وفضة.

أي: إن العروض التي فيها صفة غير معتبرة شرعًا، فإنها لا تحتسب في التقويم أو فإنها لا تعتبر ولا ينظر إليها في التقويم أي في تقويم العروض، فتقوم الأمة المغنية ونحوها خالية مجردة عن هذه الصفة، لأنها لا قيمة لها شرعا وكذلك كل وصف في العروض محرم لا عبرة به، فكل ما لا قيمة له شرعا لا يدخل في التقويم.

وقوله –رحمه الله-: والخصي: بصفته أي: بصفته التي هو عليها من كونه خصيًا، وهذا قد يرفع قيمته فلا ينظر إلى كون الفعل محرمًا، إنما ينظر فيه إلى الحال الواقعة، فيقوم العبد الخصي بصفته أي: خصيًا لأن الاستدامة فيه لا سبيل إلى رفعها فليست محرمة، ولا عبرة بقيمة صانعة آنية الذهب والفضة لكونها محرمة، فيعتبر النصاب فيها بالوزن.

قال: وإن اشترى عرضا بنصابٍ من أثمان أو عروض: بنى على حوله.

أي: إنه إذا اشترى عروضًا للتجارة في أثناء الحول، فإنه لا يستأنف الحول، بل يستمر على حوله أي على حول أصل المال، فيبني على حول المال الأول، سواء اشترى عروض بعروض، أو اشترى عروض بنقد، وذلك أن من شأن العروض والنقد التحول والتقليد، فلا ينقطع الحول بتحول الصورة من عرض إلى عرض، ولا من نقد إلى عرض.

ولذلك قال: لأن وضع التجارة على التقلب والاستبدال بالعروض والأثمان، فلو انقطع الحول لبطلت زكاة التجارة، لأن التجارة مبناها على ما ذكر من التقلب والاستبدال.

قال: وإن اشتراه أي: العروض بنصاب سائمة لم يبني على حوله، اشترى العروض بنصاب سائمة عنده نصاب سائمة باعه واشترى سيارات، فإنه لا يبني على حول السائمة لاختلاف النصاب، واختلاف الواجب.

استثنى المؤلف –رحمه الله-قال: إلا أن يشتري نصاب سائمة للتجارة بمثله للقنية أي: إن اشترى سائمة للتجارة بنصاب سائمة للقنية بنى على حوله عنده أربعون شاة باعها واشترى بها نصاب سائمة للتجارة، فهنا لا ينقطع الحول بتحول النصاب من كونه نصاب سائمة للقنية إلى نصاب سائمة للتجارة.

والعلة في هذا في عدم انقطاع الحول في هذه الصورة لأن السوم سبب للزكاة في الحالين، ولم ينقطع، فيغلب وصف السائمة على التجارة فلا ينقطع به الحول.

والقول الثاني أنه إن اشترى نصاب سائمة للتجارة بنصاب سائمة للقنية، فإنه لا يبني على حوله وصحح في الفروع البناء المعنى الذي ذكرناه أولًا.

قال: ومن ملك نصابًا من السائمة لتجارة: فعليه زكاة تجارة وإن لم تبلغ قيمتها نصاب تجارة، فعليه زكاة السوم.

من ملك نصابًا من السائمة لتجارة الآن اجتمع في هذا النصاب وصفان موجبان للزكاة، السوم وكونه عروض تجارة.

قال: فعليه زكاة تجارة أي: الذي يجب عليه زكاة التجارة، وعللوا ذلك قالوا: لأنه أحظ لأنها تجب فيما زاد بالحساب هذا وجه كونها أحظ، فليس فيها وقص.

والتجارة يلحظ فيها الأحظ للفقراء بدليل أصل التقويم أنه يقوم بالأحظ للفقراء، فإن لم تكن قد بلغت نصابًا بالنظر إلى كونها عروض تجارة، فعليه زكاة السوم أي: يخرج زكاة سائمة وهذا معناه أنه ينظر في زكاة السائمة إذا قصد بها التجارة الأحظ للفقراء.

ما ذكره المؤلف –رحمه الله-جلي أن زكاة السائمة للتجارة إن بلغت نصاب تجارة زكيت للتجارة، وإن لم تبلغ نصاب تجارة زكيت زكاة سائمة.

والقول الثاني أنها تزكى زكاة سائمة دون التجارة، وعللوا ذلك بأن زكاة السائمة أقوى لأنه مجمع عليها ولا تتعلق بالعين لكن إن نقصت عن نصاب السائمة زكيت بالتجارة عكس القول الأول.

القول الأول الذي ذكره المؤلف تزكى زكاة تجارة إلا أن تنقص عن نصاب التجارة، فتزكى زكاة سائمة هذا القول الأول.

القول الثاني العكس تزكى زكاة سائمة، إلا أن تنقص عن نصاب السائمة، فتزكى زكاة تجارة.

القول الثالث أنه ينظر في ذلك إلى الأحظ للفقراء، فإن كان حظًا تزكى زكاة تجارة، زكيت زكاة تجارة، وإن كان الأحظ أن تزكى زكاة سائمة زكيت زكاة سائمة، إلا أن تبلغ نصاب السائمة كأن يكون عنده أربعة من الإبل إذا كانت السائمة للتجارة فهنا يزكيها زكاة تجارة.

قوله –رحمه الله-: فإن اشترى ما يصبغ به ويبقى، كزعفران، ونيل، ونحوه، فهو عرض تجارة، يقوم عند حوله، وكذا: ما يشتريه دباغ ليدبغ به، كعفص، وما يدهن به، كسمن وملح.

هذا بيان أنه إذا وجد عند شخص ما يكمل به صلاح العروض، كما لو كان عنده ثياب مثلا تصبغ، فإن مادة الصبغ تزكى أي: تضم إلى عروض التجارة، لو عنده عروض تجارة من الثياب، فإنه إن كان ما يصبغ به يبقى في الثياب، فإنه يزكى.

مثال ذلك: الخياط عنده خيوط، وعنده أقمشة، فإنه إذا أراد أن يزكي يحسب ضمن ما يقومه من مال تجب فيه الزكاة جميع ما يبقى في الثياب من خيوط وأزارير ونحو ذلك من المواد التي يكمل بها الثوب شريطة أن يبقى، فما لا يبقى لا تجب فيه الزكاة، لا يكون من جملة عروض التجارة التي تجب فيها الزكاة.

ولهذا قال: ولا شيء في آلات الصباغ، وأمتعة التجارة، وقوارير العطار، لأن هذه كلها أشياء لا تبقى إلا أن يريد بيعها معها أي: مع الثياب وما يكون من العروض التي تستعمل هذه الآلات والأمتعة والقوارير في صناعتها.

والقاعدة أن كل ما لا يبقى من المواد التي تدخل في صناعة الشيء، فإنها لا تكون من العروض التي تجب فيها الزكاة، وأما ما يبقى فإنه تجب فيه الزكاة.

قوله –رحمه الله-: ولا زكاة في غير ما تقدم أي: لا زكاة في غير ما سبق ذكره من العروض، ولا في قيمة ما أعد للكراء من عقار وحيوان، لأن الزكاة في الكراء ذاته إذا حال عليه الحول كما سيأتي لا في قيمة ما أعد للكراء، لأنه ليس بمال تجارة.

قال: وظاهر كلام الأكثر: ولو أكثر من شراء العقار فارًا.

أي: ولو أكثر من شراء العقار فارًا من الزكاة، فإنه لا تجب الزكاة في قيمته.

وقيل: إن أكثر فارًا من الزكاة، فإن الزكاة تلزمه، والأقرب والله تعالى أعلم أنه لا تجب فيه الزكاة ولو أكثر كما هو ظاهر كلام الأكثر، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق