قوله رحمه الله:"واختلاف المتبايعين بعد الحلف من كلٍّ بما يجمع إثباتًا ونفيًا" هذا الخيار السادس، وهو الناشئ عن اختلاف المتبايعين؛ أيْ: أيُّ نوع من الخلاف وقع بين المتبايعين كأن يكون في عين المبيع، أو في ثمنه، أو في صفته، أو في شرط من شروط العقد، أو حيثما وقع الخلاف في المبيع بأي صفة كان؛ فإنه يثبت به خيار يسميه العلماء: خيار اختلاف المتبايعين.
قوله رحمه الله: "بعد الحلف من كلٍّ بما يجمع إثباتًا ونفيًا" فكل من الطرفين يحلف بصيغة الإثبات والنفي، فإذا كان الاختلاف في الثمن يقول البائع: ما بعته بكذا وإنما بعته بكذا، ويقول المشتري: ما اشتريته بكذا وإنما اشتريته بكذا، فيكون في اليمين التي يبذلها كل واحد من المتعاقدين إثبات ونفي.
قوله رحمه الله:"والتصرية" هذا هو السابع من الخيارات، والتصرية هي إحدى صور خيار التدليس، ولم يذكره المؤلف رحمه الله بهذا الاسم لأجل التسهيل في إيصال المعلومة، فذكر صورةً من صور التدليس وهي التصرية لوجود النص بها، بخلاف بقية الصور فإنها ثابتة بالمعنى، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ» أي: لا تجمعوا الحليب في ضروع الإبل والغنم «فَمَنِ ابْتَاعَهَا» أي: من ابتاع مصراةً «فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ»أي: له الخيار، وهذا دليل ثبوت الخيار بالتصرية بعد أن يحلبها؛ «إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ» أي: هذا الذي اشتراه من غنم أو إبل «وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»البخاري (2148)، ومسلم (1524) عِوضًا عما أخذه من لبنها.
فإن قيل: ما هو معنى التدليس؟
فالجواب: أن التدليس هو نوع من التعمية والإخبار بوصف يرغِّب في السلعة، بخلاف الواقع، فهو عبارة عن إخبار أو فعل يزيد به الثمن، أو إظهار المبيع بما هو أكثر منه في الواقع؛ فإذا جمَّل سيارته على سبيل المثال بما يظهر أنها قوية ومتماسكة، وهي خلاف ذلك، ثم باعها على هذه الصورة التي يظهر فيها القوة والتماسك، وهي على خلاف هذا، فإنه يثبت للمشتري خيار التدليس، وهو نوع من التعمية لإظهار المبيع على صفة هو دونها، أو إظهار المبيع بصفة أعلى مما هو عليه.
ثمة خيار لم يذكره المؤلف رحمه الله، وهو الخيار الثامن: خيار اختلاف الصفة، وهو في صورتين:
الصورة الأولى:إذا كان البيع بالصفة.
الصورة الثانية: إذا كان البيع برؤية سابقة.
ثم لما تم البيع إذا به على صفة مختلفة عن الصفة السابقة، أو تغيرت صفاته، ففي هاتين الصورتين يثبت للبائع وللمشتري فيما إذا كان الاختلاف في الثمن أو في المثمن خيارٌ يسميه العلماء: خيار اختلاف الصفة.