قوله رحمه الله: "السابع: الوثائق على الحقوق ثلاثة: الرهن؛ بأن يضع عنده عينًا يصح بيعها على ماله، ومتى لم يجئه بماله باعها، فلا يجوز له التصرف فيها بعد ذلك، وتكون عليه لا ينفك شيء منها إلا برد الجميع.
الضمان: وهو ضم ذمة إلى ذمة في الحق، ويصح من كل جائز التصرف.
والكفالة: وهو التزام إحضار الغريم، فمتى لم يأت به مع بقائه ضمن ما عليه".
هذه الأنواع الثلاثة تحت القسم السابع من أقسام المعاملات كلها تندرج في الوثائق، وتسمى عقود التوثيقات، وهي ما يكون مبذولًا لضمان الحقوق، فعقود التوثيقات هي كل العقود التي يقصد منها توثيق الحق وضمان عدم ضياعه في حال امتناع أحد الأطراف عن القيام بما التزم به، أو عجزه عنه، هذه هي عقود التوثيقات، وهي في الجملة ثلاثة عقود: الرهن والضمان والكفالة، فهي ليست عقود معاوضات، لكنها يوثق بها عقود المعاوضات.
قوله رحمه الله: "الرهن" وبدأ به لأنه أقوى عقود التوثيق؛ إذ إن الحق موثَّق بعين؛ إما في يد المرتهن، وإما تكون قد عينت وحبست على حقه.
قوله رحمه الله: "بأن يضع عنده عينًا" هذا تعريف للرهن بالمثال، وإلا فالرهن توثقة دين بعين، هذا تعريف الرهن، وهذه العين إما أن يستوفى الدين منها أو يستوفى من بعضها.
قوله رحمه الله: "بأن يضع عنده" أي: عند صاحب الحق "عينًا" يشترط في العين أن "يصح بيعها"، وذلك أنه يقصد من ذلك استيفاء ما عليه من دين، فلا بد أن تكون قابلة للبيع.
قوله رحمه الله: "على ماله" (على) هنا بمعنى: لأجل، و(على) تأتي للتعليل؛ كما في قوله تعالى: ﴿لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ الحج: 37 أي: لأجل ما هداكم.
قوله رحمه الله: "ومتى لم يجئه بماله" أي: متى لم يجئ المدين الدائن بماله، أي: بالذي له عليه من حق "باعها" أي: باع العين واستوفى حقه منها، أو استوفى بعض حقه منها، فلا تخلو المسألة من ثلاث أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون الرهن مقابل العين موفيًا له، فهنا يأخذ الثمن كاملًا.
الحالة الثانية: أن يكون ثمن الرهن دون الدَّيْن، فهنا يستوفي ماله، ولا يسقط بقية الحق الذي له، بل يطالب المدين.
الصورة الثالثة: أن يكون الرهن أعلى ثمنًا، أو أعلى قيمة من الدين، فهنا يستوفي ماله ويرد ما بقي إلى صاحبه.
قوله رحمه الله: "فلا يجوز له التصرف فيها بعد ذلك"، أي: لا يجوز للمدين التصرف فيها أي: في العين المرهونة، العين التي جعلت رهنًا بعد ذلك، أي بعد أن كانت رهنًا، فإنه يمنع من بيعها والتصرف فيها.
قوله رحمه الله: "وتكون عليه" أي: وتكون لازمة عليه.
قوله رحمه الله: "لا ينفك شيء منها إلا برد الجميع"، أي: تكون محبوسة عليه لا تنفك إلا برد جميع الدين، فمثلًا شخص له على آخر مائة ألف، وقد جعل سيارة في هذا الدين رهنًا، فأوفى المدين تسعة وتسعين ألفًا، كم المتبقي؟ ألف ريـال، السيارة قيمتها ثمانون ألفًا مثلًا، فهنا هل نقول: بما أن الباقي ألف ريـال تتحرر السيارة؟
الجواب: لا، ما دام في ذمته جزء من الدين تبقى العين محبوسة على ذلك حتى يستوفى منه. هذا معنى قوله رحمه الله: "تكون عليه لا ينفك شيء منها إلا برد الجميع" أي: برد الحق المطلوب، أو جميع الحق المطلوب.