"القول الثاني" أي في معنى المعاملات.
"أنَّ المعاملات تشمل كلَّ ما كان راجعًا إلى مصلحة الإنسان مع غيره، كانتقال الأملاك بعوض، أو بغير عوض، بالعقد على الرقاب، والمنافع، والأبضاع، فتشمل بهذا: المناكحات، والمخاصمات، والأمانات، والتَّركات، وهذا مذهبُ الحنفيَّة، وقول الشَّاطبيِّ من المالكية.
والمقصود بالمعاملات في هذه الورقات؛ هو المعاوضاتُ الماليَّة، وقد جرى على هذا أهلُ العلم المعاصرون".
هذا القول الثاني في تعريف المعاملات، والمراد بها أن المعاملات أوسع من المعاوضات المالية، لا تقتصر فقط على المعاوضات المالية، بل تشمل كل ما يتعلق بمصلحة الإنسان مع غيره سواء كانت المصلحة تتعلق بالمعاوضات أو كانت المصلحة تتعلق بغير المعاوضات كالتبرعات مثلًا، التبرع، الصدقة، الوقف، الوصايا؛ هذه تتعلق بمصالح بين الناس هي عند الحنفية داخلة في المعاملات، وعند الجمهور خارجة عن المعاملات ليست من المعاملات.
والأمر في هذا لا مشاحة فيه؛ ولذلك المؤلف لم يرجح معنى على معنى، ما قال: الراجح هو القول الأول، أو الراجح هو القول الثاني؛ لأن هذا اصطلاح، والقاعدة أنه لا مشاحة في الاصطلاح، يعني ما في مناقشة فيما يصطلح عليه الإنسان إذا كان هذا الاصطلاح له أصلٌ ومعنى، ويستند إلى مدرك صحيح.
لكنه بيَّن في ختام هذه المقدمة، أو هذا التمهيد، أن مقصوده بالمعاملات في قوله: "أصول في المعاملات المالية" هو المعنى الأول، وهو ما جرى عليه الجمهور، فمقصوده بالمعاملات في هذه الورقات هو المعاوضات المالية.
ونبَّه إلى أن هذا الاصطلاح هو الذي جرى عليه استعمال العلماء المعاصرين؛ ولذلك قال: "وقد جرى على هذا أهل العلم المعاصرون"، فأهل العلم المعاصرون إذا أطلقوا المعاملات فإن غالب مقصودهم المعاوضات المالية؛ ولذلك قال: "المالية" حتى تخرج المعاملات غير المالية كالمناكحات مثلًا فيما يتعلق بأحكام النكاح والطلاق، وكما يتعلق بعقود التبرعات ونحو ذلك.