"الأصل الأول: الأصل في المعاملات الحِلُّ:
اختلف أهل العلم -رحمهم الله- في الأصل في المعاملات، هل هو الإباحة أو الحظر؟ على قولين، بناءً على اختلاف قولهم في الأصل في الأشياء بعد ورود الشَّرع، هل هو الإباحةُ أو الحظر".
الأصل الأول الذي يتكلم عنه وهو أصلٌ تُبنى عليه هذه المعاملات بشتى صورها: الأصل في المعاملات الحل، ما معنى الحل؟ الإباحة، معنى الحل الإباحة أي أن الأصل في المعاملات أنه يُحكم عليها بالحل، بالإباحة.
ما معنى الأصل؟ نحن ذكرنا في التعريف أن المقصود بالأصل في هذا الكتاب القاعدة المستمرة أو الأمر المستصحب، فقولنا: الأصل في المعاملات يعني ما نستصحبه عندما ننظر في معاملة من المعاملات للحكم عليها؛ ما الذي نستصحبه؟ ما الذي ننطلق منه عندما ننظر في حكم بيع هذا الكوب مثلًا على سبيل المثال؛ ما الذي ننظر إليه؟ ما الذي نبتدئ منه عند نظرنا في أحكام المعاملات؟
يقول: "الأصل في المعاملات الحل"، يعني الأصل أن كل بيعٍ حلال، ولا يحكم على بيعٍ بأنه حرام حتى يقوم الدليل على التحريم.
وعليه؛ فإذا اشتبه على الإنسان أمر؛ هل هو حلال أو حرام من المعاملات؛ فما الذي يستصحبه؟ الحِل؛ لأن التحريم يحتاج إلى دليل، يحتاج إلى أصل، ويحتاج إلى إقامة حجة، أما الإباحة فهي الأصل، وبالتالي الذي تستصحبه في النظر في المعاملات هو الإباحة والحل. هذا معنى قوله: "الأصل في المعاملات الحل".
وهنا يقول: "اختلف أهل العلم رحمهم في الأصل في المعاملات هل هو الإباحة أو الحظر؟" أي اختلفوا في حكمهم الابتدائي على المعاملة قبل أن يأتوا بدليل هل هو الإذن بها والإباحة والجواز؟ أم هو الحظر والمنع والتحريم؟
للعلماء في ذلك – كما يقول – قولان، هذا الاختلاف له صلة بمسألة أخرى أصولية وهي مسألة: الأصل في الأشياء؛ ولذلك يقول: بناءً على اختلافهم في الأصل في الأشياء، هل الأصل في الأشياء عمومًا في المعاملات وغيرها الإباحة والحل أو التحريم والمنع؟ قال رحمه الله: "بناءً على قولهم في الأصل في الأشياء بعد ورود الشرع هل هو الإباحة أو الحظر؟".
يذكر الآن القولين، ويذكر أدلة القولين ويرجح في هذه المسألة ما دل عليه الدليل في نظره.