"ثانيًا: من السنة:
أولًا: الأحاديثُ التي فيها أنَّ ما سكت الشارع عنه من الأعيان، أو المعاملات، فهو عفوٌ لا يجوز الحكم بتحريمه.
ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ، فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيانٍ، فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (19879)، والطبراني في الأوسط (8938)، والدارقطني في السنن (4814)، وقال ابن حجر في المطالب (2934): رجاله ثقات إلا أنه منقطع. .
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ، فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْكُمْ» أخرجه الترمذي (1726)، وابن ماجة (3367)، وصححه الحاكم (7115). .
وغيرُ ذلك مما هو في هذا المعنى.
وجه الدلالة: أفادت هذه الأحاديثُ أنَّ الأشياء في حكم الشَّرع على ثلاثة أقسام:
الأول: ما أحلَّه الله فهو حلال.
الثَّاني: ما حرَّمه الله فهو حرام.
الثَّالث: ما سكت عنه فلم يذكرْه بتحليل ولا تحريم، فهو معفوٌّ عنه، لا حرج على فاعله".
هذا معنى معفوٌّ عنه، الأحكام ثلاثة التي تضمنها حديث أبي ثعلب الخشني وحديث سلمان الفارسي أن الأشياء في الشرع لها ثلاثة أحوال:
- ما نص الشارع على حله فهو حلال كقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة:275].
- ما نص على تحريمه فهو حرام كقوله تعالى: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275].
- ما سكت عنه فلم يحكم عليه بحلٍّ ولا بتحريم هذا معفوٌّ عنه، ومعنى معفوٌّ عنه أنه لا حرج على من فعله وهذا معنى قوله: "لا حرج على فاعله".