"ثانيًا: منعُ تجارة البرامج المنسوخة؛ فقد صدرت الفتوى بتحريمها من عدَّة جهاتٍ علميَّة؛ لما اشتملت عليه من الاعتداء؛ ففي سؤال ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء، في المملكة العربية السعودية، عن جواز نسخ البرامج المحميَّة بحقوق خاصَّة؛ فجاء في جوابها: "لا يجوزُ نسخ البرامج التي يَمنع أصحابُها نسخَها، إلا بإذنهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَىْ شُرُوطِهِمْ» أخرجه أبو داود (3594)، والترمذي (1352) وحسنه، وصححه الحاكم (2309) ولقوله صلى الله عليه وسلم:«لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ» أخرجه بنحوه الإمام أحمد (20695). وينظر: البدر المنير (6/ 693) وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَبَقَ إِلى مُبَاحٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» أخرجه بنحوه الطبراني في الكبير (814)، والبيهقي في الكبرى (11779)، والضياء في المختارة (1434) سواءٌ كان صاحبُ هذه البرامج مسلمًا أو كافرًا غير حربيٍّ؛ لأنَّ حقَّ الكافرِ غيرِ الحربيِّ محترمٌ كحق المسلم، وبالله التوفيق".
هذا قرار اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فيما يتعلق بتجارة البرامج المنسوخة، وهذا من المسائل المعاصرة، وهو لا يختص بالبرامج المنسوخة على وجه التخصيص، لكن هذا مثال، والمعنى العام الذي ينتظم هذا هو ما يتعلق بالحقوق الفكرية، لأصحاب السلع والمنتجات والخدمات؛ هل تُصان هذه الحقوق إذا حُفظت لأصحابها أو لا؟
القاعدة المطَّردة في كل صور الحقوق الفكرية أنها محفوظة لأصحابها، ومن ذلك ما يتعلق بالبرامج المنسوخة؛ فإن تجارة البرامج المنسوخة محرمة؛ سبب ذلك أنها تتضمن انتهاك حق صاحب البرنامج الأول بإضاعة حقوقه وعدم حفظها.
واستدل أهل العلم على التحريم بالعمومات الدالة على تحريم الظلم، كقوله: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ»ولقوله: «الْمُسْلِمُونَ عَلَىْ شُرُوطِهِمْ« وهذا عندما وزع هذا البرنامج إنما وزعه بشرط ألا تُستعمل إلا النسخة الصادرة عنه.
وهذا من حقوقه؛ ولذلك كان القرار بتحريم تجارة وبيع البرامج المنسوخة، لما تتضمن من إهدار حق صاحب البرنامج الأصلي الذي حفظ حقوقه.