"وأوَّلُ ما حرَّم الله -عزَّ وجلَّ- من الرِّبا، ربا الجاهليَّة الَّذي قال فيه المشركون: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾[البقرة:275].
وهو الَّذي يقول فيه صاحبُ الدَّيْنِ للمدِين: إمَّا أن تقضيَ، وإما أن تُرْبي؛ قال الله تعالى في تحريم هذا النوع: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[آل عمران:130].
وقال فيه النَّبيُّ-صلى الله عليه وسلم-: «وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوُّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ» أخرجه مسلم (1218) فحرَّمه الله ورسوله؛ لما فيه من الظُّلم، وأكل المال بالباطل؛ فإنَّ الزِّيادة التي يأخذُها ربُّ الدَّيْنِ، يأخُذُها على غير عِوض".
يعني بدون مقابل، يأخذها ظُلمًا من غير مقابل، والأجل ليس محلًّا للمعاوضة في مثل هذه الصورة؛ لأن أصل العقد إحسانٌ، والتأجيل إحسان، فلا يُعَاوَضُ عنه.
"ثمَّ إنَّ السُّنَّة النبويَّة ألحَقت بربا الجاهلية كُلَّ ما فيه زيادةٌ من غير عِوض، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَواءٍ، يَدًا بِيَدٍ» أخرجه مسلم (1587) ".
هذا بيان أن ما يتعلق بربا البيوع جاء تحريمه في السنة، ولما جاء تحريمه في السنة دلَّ ذلك على أن آيات القرآن شاملة لهذا النوع من الربا؛ وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوكل الله تعالى إليه بيان القرآن.
فالربا الشائع في الجاهلية مُحرَّمٌ بالنص في القرآن، وألحقت السُنَّة به ربا البيوع.