الصوم من صحيح البخاري

من 2017-08-14 وحتى 2019-09-30
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2087

التاريخ : 2017-05-10 10:53:02


"كِتَابُ الصَّوْمِ"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة: 183".

ابتدأ المصنف رحمه الله هذا الكتاب بالبسملة؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم في بدايات كتبه، فإنه ما كتب كتابًا صلى الله عليه وسلم إلا وبدأه بالبسملة، فالبداءة بالبسملة في أوائل الكتب سنة نبوية، وهو هدي قرآني؛ فإن الله تعالى ابتدأ كتابه بالبسملة، كما أنه ابتدأ كل سورة بالبسملة، وعلى هذا جرى المصنف رحمه الله في بعض النسخ البداءة في كل كتاب ببسم الله الرحمن الرحيم.

  

قوله رحمه الله: "كتاب الصوم" الصوم في اللغة: الإمساك، هكذا يعرفه أهل اللغة، الإمساك مطلقًا، فتقول: صمت عن الكلام؛ يعني أمسكت عنه، صمت عن الذهاب؛ أي: أمسكت عنه، صمت عن النوم؛ يعني: أمسكت عنه.

ومنه قول مريم: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًامريم: 26، أي: إمساكًا عن الكلام، وإلا فهي تأكل وتشرب، فالصوم هو الإمساك.

والصوم والصيام ليس بينهما فرق من حيث المعنى فيما يظهر والله أعلم، فلم يشر أهل اللغة، ولم أقف على مَن فرق بين هذين اللفظين من علماء الشريعة، فقول من يقول: الصوم هو صفة نفسية للإمساك عن الرذائل والسيئات، والصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب، هذا تفريق يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه. وإنما الصوم في اللغة: الإمساك مطلقًا.

أما في الاصطلاح فأجود ما قيل في تعريف الصوم: "إنه التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس". من أيسر ما يكون: (التعبد) لأنه عباده، (بالإمساك) أنت تتقرب إلى الله تعالى بالإمساك، (عن المفطرات) والمفطرات سيأتي بيانها وإيضاحها فيما نستقبل إن شاء الله تعالى، من متى؟ (من طلوع الفجر إلى غروب الشمس).

هذا أجود ما قيل وأخصر وأوضح ما قيل في تعريف الصوم.

بعضهم يقول: "إمساك مخصوص عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص من شخص مخصوص"! ما هو واضح.

والفقهاء - رحمهم الله - يُدخلون (مخصوص) في كثير من التعريفات ويزيدها عماءً، في الغالب لا تتضح.

لكن فيما ذكرت أولًا بيان جليل لمعنى الصيام؛ أنه عبادة؛ لأننا قلنا: (التعبد لله بالإمساك) أنت تتقرب إليه بأنك تمسك (عن المفطرات) وهي ما سيأتي بيانه وإيضاحه (من طلوع الفجر إلى غروب الشمس) وهذا هو وقت الصيام الشرعي.

  

قوله رحمه الله: "باب وجوب صوم رمضان"؛ ابتدأ المصنف - رحمه الله - الكتاب بذكر وجوب الصوم؛ أي: ما جاء من النصوص في وجوب الصيام.

والصوم واجب - وقيده المصنف رحمه الله برمضان - يُفهَم منه أنه لا يجب صوم غير رمضان، فليس ثمة صيام واجب على المكلَّفين سوى رمضان؛ لأنه - رحمه الله - في الترجمة قصر الوجوب على صوم رمضان، وساق الأدلة على هذا، وهو يشير بهذا إلى خلاف: هل كان في الشريعة صوم واجب غير رمضان؟ فكأنه يجيب - رحمه الله - بهذه الترجمة وأنه لا صوم واجب إلا صوم رمضان.

قوله رحمه الله: "وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَالبقرة: 183".

هذه الآية الأصل في فرض الصيام؛ فإن الله تعالى أخبر فيها بكتابة الصيام على أهل الإيمان ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ أي: فُرِض عليكم الصيام.

  

ثم ذكر الله تعالى تسلية للأمة فيما قد يصيبها من مشقة الصوم بأن هذا الفرض ليس خاصًّا بهذه الأمة، إنما هو مفروض أيضًا على الأمم السابقة؛ ولذلك قال: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أي: مثلما كتب على الذين من قبلكم.

ذِكره لهذا ما فائدته؟

له فائدتان:

الفائدة الأولى: التخفيف على هذه الأمة، وأن هذا الفرض مما فرضه الله تعالى على الأمم السابقة، فليس مما خَص به هذه الأمة فيَشق عليها. ومعلوم أنه إذا كثر المشتركون في المشقة هانت المشقة.

الفائدة الثانية: أن هذا بيان لمنزلة الصيام في التشريع، وأنه ذو منزلة عالية.

وجه ذلك أن ما جعله الله تعالى مفروضًا على الأمم السابقة، فهو أصل أصيل في تحقيق العبودية لله، وتحصيل مصالح الناس، ودفع المفاسد. كل ما كان مفروضًا على الأمم جميعًا، ولم تُخص به أمة من الأمم، فهو من الشرائع التي الناس في أمس الحاجة إليها في التقرب إلى الله تعالى، وفي إصلاح معاشهم ومعادهم.

هذه هي الفائدة الثانية من ذكره جل وعلا: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق