الصوم من صحيح البخاري

من 2017-08-14 وحتى 2019-09-30
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1861

التاريخ : 2017-05-10 10:58:55


قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ» هذه المرتبة العليا، المرتبة الأولى التي يُندب إليها الصائم: كف شره عن الناس قولًا وعملًا، المرتبة الثانية: ألا يقابل الإساءة بمثلها، بل يقابل الإساءة بالإمساك عنها، بالإمساك عن مقابلتها.

قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ» قاتله يشمل المقاتلة بالفعل، ويشمل المقاتلة بالقول؛ فإن المقاتلة بالقول كأن تقول له: قاتلك الله. ومنه اللعن؛ فإن اللعن قتل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ» البخاري (6105)، ومسلم (110) فاللعن نوع من القتل، فقوله: «وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ» أي: لاعنه، أو قاتله بالمفاعلة الفعلية اليدوية بالجوارح، فهذا يدخل في الحديث.

قوله صلى الله عليه وسلم:«وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ» المشاتمة هي التكلم بسيئ القول، ورديء الكلام، بماذا يقابله؟ يقول:«فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ»؛ إني صائم، إني صائم، وفي بعض الروايات: إني صائم مرة واحدة.

  

قوله صلى الله عليه وسلم: «فَلْيَقُلْ» هذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان صائمًا، سواء كان صوم فرض، أو صوم نفل، أن يقابل إساءة المسيء بما تقدم، من تذكيره، تذكير نفسه، وتذكير المعتدي بأنه صائم، «فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ».

وفائدة قول: إني صائم، كف شر  المتكلم، وبيان أن عدم المقابلة لأجل الصوم، وليست عجزًا؛ لأن بعض الناس عندما لا ترد عليه يظن ذلك عجزًا منك، فعندما تقول: إني صائم يعني: أنا أستطيع أن أجاريك فيما تتكلم به من سوء ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ الشورى: 40، لكني أمتنع من ذلك لأجل صومي، فهذا فيه تذكير للنفس بالسمو عن مقابلة الإساءة بمثلها، وتنبيه للمسيء بأن عدم الرد ليس عجزًا، وإنما لأجل الصيام.

  

وقد اختلف العلماء - رحمهم الله -: هل يقول هذا في صيام الفرض والنفل في قوله: «فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» أو أنه في صيام الفرض؟

فجمهور العلماء على أنه يقوله في الفرض، بالنص الصريح؛ لأنه لا رياء، ففي رمضان غالب أهل الإسلام يصومون إلا أهل الأعذار، فإذا قال: إني صائم لم يكن في ذلك إظهار لعمل؛ لأن الأصل في أهل الإسلام في رمضان الصوم، فإذا ذكَّر بذلك فلا مدخل للرياء، أما إذا كان في صيام تطوع فهنا من العلماء من قال: إنه لا يقول ذلك بما يسمِع به صاحبه المشاتِم، لكنه يقوله على وجه يذكِّر نفسه، يقوله فيما بينه وبين نفسه: إني صائم.

والذي يظهر والله أعلم أنه يُندَب له قول ذلك في كل الأحوال؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» وهذا على هذا القول يكون دليلًا على الندب إلى إظهار العمل الصالح، إذا كان يترتب عليه مصلحة أو دفع مفسدة، هذا الدليل يصلح أن يكون دليلًا على الندب إلى إظهار العمل الصالح عندما يكون فيه مصلحة أو تندفع به مفسدة، وإلا فالأصل أن يخفي الإنسان عمله الصالح، ولذلك قيل: كل عمل صالح استطعت أن تخفيه فلا تظهره، ما لم يكن في إظهاره مصلحة أو دفع مفسدة.

أما إذا لم يكن مصلحة أو دفع مفسدة، أو تردد الأمر عندك هل فيه مصلحة أو لا مصلحة، فالأصل ألا تظهره، وهذا – يا إخواني - نغفل عنه كثيرًا، يأتي أحدنا أحيانًا يقول بدون مناسبة: أنا رحتُ وفعلتُ، وجئتُ وصليتُ، واعتمرتُ، فهذا مما لا داعي له، أنا أقول: لو أننا قسنا الأمر بسيئاتنا، هل نقول للناس: فعلنا كذا، اغتبنا، اختلسنا، فعلنا كذا من سيئ العمل، لا ما يقول الإنسان هذا، يستر نفسه في الغالب.

احرص على ستر صالحاتك إن استطعت، فكل ما تستطيع إخفاءه ولا مصلحة في إظهاره فليكن خفيًّا؛ فإنه أقرب إلى الإخلاص، وأعظم في المثوبة عند الله عز وجل.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق