قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ»، والمقصود بالأمة الأمية أي: فيما يتعلق بعموم التشريع فيها للمتعلم والجاهل، فمن رحمة الله تعالى للمتعلم العارف بالحساب وغيره ولمن لا يعرف ذلك. فالمقصود بالأمية هنا ليست دعوة للأمية، إنما بيان أن التشريع في هذا الدين لم يأتِ فقط للمتعلمين والعارفين، بل من يُسر الشريعة أنها أناطت الأحكام بما يمكن أن يتوصل إليه من له معرفة وعلم، ومن لا معرفة له، فينبغي أن يُفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ»؛ لأن بعض الناس يفهمه على معنى غير مقصود من كلامه صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال بعده: «لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ» أي: لا نتكلف في إثبات الشهور بالكتاب والحساب، بل نقتصر ونكتفي بالطريق الذي شرعه الله تعالى من معرفة دخول الشهور وتعاقبها بالأهلة التي قال فيها تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ البقرة: 189.
قوله صلى الله عليه وسلم: «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» يعني: مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين كما تقدم فيما سبق من باب.