من الناس من يظن أنه لا يتم الحج إلا بزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والحق أن زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من القربات والطاعات التي ينبغي أن يحرص عليها المؤمن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» أخرجه البخاري (1189)، ومسلم (1397). ومنها المسجد النبوي، المسجد الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيه من الفضائل: أن صلاة فيه تَعدِل ألفَ صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام.
فينبغي للمؤمن إذا تيسر له ذلك أن يشد الرحل إلى المسجد النبوي.
لكن ينبغي أن يفهم وأن يعلم أن ذلك ليس له صلة بأعمال الحج، بل هو عبادة مستقلة تكون في الحج، وتكون في غير الحج، ليس له علاقة بأعمال الحج، ولا صلة له بإكمال النسك.
النسك هو فيما يتصل بالمجيء إلى البيت الحرام، والأعمال التي تكون مرافقة لهذا المجيء من وقوف بعرفة، ومزدلفة، ومنى، ورمي الجمار، وما إلى ذلك.
ولهذا ينبغي أن يعلم أنه من أتى إلى مكة، ورجع إلى بلده دون أن يزور مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا نقص في حجه، وحجه تام.
وأما الحديث الذي يذكره بعضهم: «مَن حَجَّ، وَلَمْ يَزُرْنِي، فَقَدْ جَفَانِي»، فهذا حديث لا خلاف بين أهل العلم أنه لا يثبت، وأنه لا يصح، وأنه لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل الثابت الذي لا ريب فيه أنه لا علاقة لزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالحج.
ولذلك لم يأمر أحدًا بأن يأتي إلى مسجده صلوات الله وسلامه عليه بعد الحج. ولو كان ذلك مسنونًا أو واجبًا أو لا يتم الحج إلا به؛ لبينه صلى الله عليه وسلم، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها.
اللهم تبِّعنا آثاره، واسلك بنا سبيله، وأعنا على الطاعة والإحسان، ووفقنا إلى ما تحب وترضى.