الموجز في أحكام الحج والعمرة

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2140

التاريخ : 2017-10-14 12:06:34


"أما من كان قادرًا على الحج بماله عاجزًا عنه ببدنه فيلزمه أن يُقيمَ مَن يحج عنه، ولا تتحقق استطاعة المرأة في الحج إلا بوجود محرم".

وقد اتفق الفقهاء -رحمهم الله- على أن من أوصاف الاستطاعة التي يثبت بها وجوب الحج: القدرة البدنية؛ فمن كان عاجزًا ببدنه؛ فإنه لا يجب عليه أن يحج بنفسه.

واختلفوا فيمن كان قادرًا بماله عاجزًا ببدنه، هل يجب عليه الحج أو لا؟

على قولين:

القول الأول: أنه يجب عليه أن يُقيم من يحج عنه، وهذا دليله ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنه- أن امرأةً سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» أخرجه البخاري (1513)، ومسلم (1334) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أقرَّ المرأة عندما قالت: إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا، فلما كان قادرًا بنائبه وهو من تبرَّع عنه بالحج وهي هذه المرأة، قال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «نَعَمْ» أي: نعم، حجي عن أبيكِ.

فالقدرة البدنية إذا لم تتوفر، وتوفر عِوَضُ ذلك بإقامة مَنْ يحج عن الإنسان؛ فإنه يجب عليه أن يُقيم من يحج عنه إذا عجز عنه ببدنه وقدر عليه بماله، وبهذا قالت الشافعية والحنابلة، وبه قال صاحبا أبي حنيفة.

وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالك، فإنهما ذهبا إلى أنه لا يقوم أحدٌ عن أحدٍ في الحج، فإذا عجز ببدنه فإنه لا يجب أن يُقيم من يحج عنه من ماله.

والصواب: ما ذهب إليه الجمهور من أنَّ الإنسان إذا عجز ببدنه، وكان قادرًا بماله؛ فإنه يجب أن يقيم من يحج عنه؛ إما تبرعًا، وإما بماله.

بعد هذا العرض نحتاج إلى أن نعرف ما هو وصف الاستطاعة، عرفنا أنه من لوازم الاستطاعة القدرة البدنية.

  

فيما يتعلق بالقدرة المالية ما هو الحد الذي يجب به على الإنسان أن يقصد البيت الحرام؟

قال كثيرٌ من أهل العلم في بيان القدرة المالية: أَنْ يملك زادًا وراحلةً زائدين عن نفقاته وحوائجه الأصلية ومن يعول تبلِّغه إلى مكة، ويعود بها إلى بلده؛ فقال هؤلاء -رحمهم الله-: إن الواجب على من ملك زادًا وراحلة أن يقصد مكة للحج؛ لأن الاستطاعة تتحقق له بذلك، وبهذا قال جمهور العلماء، ولهذا تجد أن ذِكر الزاد والراحلة في وصف الاستطاعة في غالب كلام الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة وغيرهم، بل قال الترمذي -رحمه الله-: والعمل عليه عند أهل العلم. يعني: الأخذ بهذا القول أن الاستطاعة هي ملك الزاد والراحلة التي يستطيع أن يبلغ بها مكة، ويفعل المناسك، ويرجع إلى بلده.

وذهب الإمام مالك -رحمه الله- إلى أن الاستطاعة هي القدرة على الوصول إلى البيت بلا مشقةٍ زائدة ولو لم يكن معه زادٌ وراحلة؛ ولذلك أوجب الحج على الماشي إذا كان يستطيع أن يصل إلى مكة مَشْيًا دون أن يشق عليه مشقة زائدة عن المعتاد، واستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍالحج:27، ﴿رِجَالًاالحج:27 يعني: يأتون على أرجلهم ماشين، ﴿وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍالحج:27 أي: على كل ما يحملهم مما يُحمل عليه الناس من الدواب ونحوها.

والصواب فيما يتعلق بضابط الاستطاعة التي يجب بها الحج أنها القدرة المالية والبدنية التي تُبلِّغه إلى مكة، ويفعل المناسك ويرجع إلى بلده، من كان قادرًا على هذا النحو فإنه مستطيعٌ.

وأما ما جاء من الأحاديث التي ذُكر فيها الزاد والراحلة وهي ما استدل به القائلون بأن الاستطاعة هي ملك زادٍ وراحلة؛ فإن ذلك خرج مخرج الغالب، أو هو من باب الجواب بالمثال فيما تتحقق به الاستطاعة، وليس حصرًا للاستطاعة بهذه الصورة؛ لأن الله تعالى أطلق الاستطاعة في قوله: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًاآل عمران:97، وكذلك النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

وتقييد ذلك بالزاد والراحلة هو من تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو من التفسير بالمثال، وهذا لا يُفيد قصر الاستطاعة على هذه الصورة، بل الاستطاعة أوسع من ذلك؛ ولهذا لا يشترطون في وجوب الحج على المكي أن يملك راحلةً؛ لأنه يتمكن من الوصول إلى المشاعر دون راحلة، فدل ذلك على أن الراحلة ليست شرطًا، وإنما الشرط هو القدرة المالية والبدنية التي يبلغ بها الإنسان مكة، ويؤدي المناسك ويفعل ما أُمِرَ به من أفعال الحج، ويرجع إلى بلده، هذا ما يتعلق بضابط الاستطاعة.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق