"رابعًا: أيام التشريق.
أيام التشريق: هي الأيام المعدودات، وهي ثلاثة أيامٍ بعد يوم النحر:
أولها: اليوم الحادي عشر، ويُسمى يوم القر.
وثانيها: اليوم الثاني عشر ويُسمى يوم النفر الأول.
وثالثها: اليوم الثالث عشر ويُسمى يوم النفر الثاني".
أيام التشريق هي المذكورة في قول الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة:203]، فلا خلاف بين العلماء أن المقصود بقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة:203] أيام التشريق، وهي أيام مِنى وهي ثلاثة: اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر، وهذا محل اتفاقٍ بين أهل العلم.
أما اليوم الأول فهو يوم الحادي عشر، ومن أسمائه: يوم القَرِّ، وسبب تسميته بهذا الاسم؛ أن الحجاج يستقرون فيه بمِنى.
ويُسمى يوم الرؤوس؛ لأن الناس يأكلون فيه من رؤوس الضحايا والهدايا.
فهذا اليوم له اسمان؛ يوم القَرِّ، ويوم الرؤوس، وهو أول الأيام التي ذكر الله تعالى في قوله: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة:203].
أما اليوم الثاني من أيام التشريق فهو يوم النفر الأول، يوم الثاني عشر، وسُمي بالنفر الأول؛ لأن المتعجِّل من الحج ينصرف فيه من مِنى قبل غروب الشمس؛ فهو المقصود بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [البقرة:203]، فالمقصود باليومين: يوم الحادي عشر، ويوم الثاني عشر، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، فلا تعجل قبل يوم الثاني عشر. وانصراف بعض الناس يوم الحادي عشر على أنه تعجل في يومين هذا لم يقل به أحدٌ من أهل العلم، وهو غلطٌ وخطأ؛ فإنَّ التعجل في يومين هو في اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر بأن ينصرف يوم الثاني عشر قبل غروب الشمس.
وأما اليوم الثالث من أيام التشريق فهو يوم النفر الثاني، يوم النفر الأخير، وهو آخر أيام الحج بالاتفاق؛ فلا خلاف بين العلماء على أن آخر أيام الحج يوم الثالث عشر، وهو المقصود بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾ [البقرة:203].
وهذه الأيام أيام التشريق سُميت بهذا الاسم؛ لأنها أيامٌ كان العرب يُشرِّقون فيها اللحم أي؛ يُعرِّضونه للشمس، وينشرونه حتى يجف، ويُقطعونه.
وقيل: سُميت هذه الأيام بأيام التشريق؛ من أجل صلاة العيد؛ لأنها تُصلى بعد شروق الشمس، ولكن هذا المعنى بعيد؛ لأن صلاة العيد لا تُصلى في هذه الأيام إنما تُصلى في يوم النحر.
وقيل في سبب تسميتها بأيام التشريق؛ لأن الهدي لا يُنحر فيها إلا بعد شروق الشمس من هذه الأيام، وهذا ليس بصحيح أيضًا؛ لأن النحر يكون فيها في كل اليوم سواءً كان ذلك قبل شروق الشمس أو بعده.
وقيل في سبب تسميتها؛ لأنهم كانوا يُشرِّقون للشمس في غير بيوتٍ ولا أبنية للحج، فيضحون، ويخرجون للشمس فسُميت أيام التشريق.
وعلى كل حال أقرب هذه الأسباب في التسمية هو أنهم كانوا يُشرِّقون اللحم، وينشرونه؛ لتجفيفه.