شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1687

التاريخ : 2018-04-25 16:46:41


وقوله: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[مريم: 65]، وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الصمد: 4]، وقوله: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة: 22]، وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ[البقرة: 165]، وقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا[الإسراء: 111]، وقوله: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[التغابن: 1]، وقوله: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا[الفرقان: 1-2]، وقوله: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[المؤمنون: 91- 92]، وقوله: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[النحل: 74]، وقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[الأعراف: 33].

  

هذه الآيات الكريمات التي ذكرها –رحمه الله- تضمنت الخبر عن كمال الله –عز وجل- والكمال الثابت لله –عز وجل- كمال مطلق؛ كما في قوله - جل في علاه -: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى[النحل: 60]، وقوله سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى[الأعراف: 180].

كذلك جاء كمال تفصيلي بإثبات الكمالات لله –عز وجل- بذكر أسمائه الدالة على جليل صفاته، كقوله جل في علاه ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى[الحشر: 22- 24]، فهذا البيان المفصل لكمالاته جل في علاه، هو بيان لكمال مطلق يتصف به الرب جل في علاه، فالكمال المطلق ثابت له كما الكمال المفصل ثابت له –سبحانه وبحمده-.

  

ومن كماله جل في علاه انتفاء المثيل والنظير والشبيه والشريك، فإن الله تعالى لكماله ليس له مثيل؛ قال جل في علاه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى: 11] وليس له كفء؛ أي ليس له مكافئ؛ قال تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الصمد: 4]، وليس له جل في علاه نظير أو ضد، قال تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة: 22]، فليس له مُسامٍ يساميه ويشابهه –سبحانه وبحمده- ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[مريم: 65]ثم إن هذا النفي المطلق عن أن يكون له مثل أو عن أن يكون له كفء أو أن يكون له ند أو أن يكون له نظير أو يكون له مثيل –سبحانه وبحمده- جاء نفيا مفصلا في خبر الله تعالى عن نفسه، لكن هذا النفي المفصل في كلام الله –عز وجل- غرضه وغايته إثبات كماله –سبحانه وبحمده- أو نفي ما كان يعتقده الجاهليون لله –عز وجل- من صفات النقص تعالى الله عما يقولون علوا كبيرًا، فالمشركون يصفون الله بالنقائص وينسبون إليه المعائق، والله سبحانه وتعالي- منزه عن كل ذلك.

  

ولهذا يقول –جل وعلا-: فيما يوجب عبادته للعلم بكماله ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ[مريم: 65]، حقق العبودية، واعلم أن ذلك لا يمكن أن يكون إلا بالاصطبار والاصطبار هو الصبر العظيم الذي يثبت الإنسان على الحق، ويبعده عن الرداء والضلال.

ثم يقول فيما يحفز النفوس على تحقيق العبادة لله –عز وجل- ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[مريم: 65] يعني إذا كان ربك لا مثيل له ولا نظير له فإنه يستحق منك غاية العبادة، يستحق منك أن تصبر لعبادته وأن تجاهد في مرضاته وأن تهجر هواك ورغباتك لأجله –سبحانه وبحمده- ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[مريم: 65] أي: حتى تقصر في عبادته أو تغفل عن تحقيق الطاعة له؟!

لا سمي له ولا نظير فقوله: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[مريم: 65] أي هل تعرف هل أحاط علمك بمن يشابهه أو يماثله –سبحانه وبحمده- ليس له نظير ولا مثيل جل في علاه، فهو المنفرد بالكمالات كلها على إطلاقها.

﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الصمد: 1- 4] ولذلك ذكر المؤلف –رحمه الله- بقية الآيات الدالة على عظيم الكمالات، التي تثبت لله –عز وجل- كقوله ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الصمد: 4]، وقوله: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا[البقرة: 22]، يعني أمثالا ونظراء، الند يطلق على المثيل، ويطلق على الضد.

تقول: هذا ند هذا أي مثله ونظيره، وتقول: هذا ند هذا يعني ضده ويقابله.

قال: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة: 22]، ثم قال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا[البقرة: 165]، أي يصير غير الله –عنده- مثل الله، وهذا هو مدار الشرك، هذه قاعدة الشرك بالله –عز وجل- فإن الشرك بالله دائر على تسوية غير الله بالله، ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا[البقرة: 165] أي أمثالًا ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ[البقرة: 165]، ويقول –جل وعلا-: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ فنفى عنه أن يكون له ولد لكماله وتنزهه –جل وعلا- عن النقائص فليس بحاجة إلى ولد، هو المنزه عن أن يكون له ولد،لم يلد ولم يولد جل في علاه.

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ حمد الله نفسه على أنه تنزه –سبحانه وبحمده- عن الولد، فالله يحمد على كماله كما يحمد على إحسانه، فالولد نقص في حقه سبحانه.

ليس كل ما كان كمالا في البشر كان كمالا في حق رب البشر سبحانه:

ولا تقل: إن الولد في البشر كمال، فإن الولد في البشر صفة مدح ومنة من الله على عبده أن يرزقه ولد، فهذا في حق المخلوق أما في حق الواحد الأحد الذي لا إله غيره الذي له الكمال المطلق، فقد تنزه لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك –سبحانه وبحمده-.

﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا[الإسراء: 111]، يعني لا يوالي أحدًا لحاجته إليه، هذا معنى قوله:لم يكن له ولي أي ليس له محبوب ولا مناصر لحاجته إليه، بل الله غني عن كل أحد؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ[فاطر: 15] ولم يكن له ولي من الذل بعد هذه الكمالات التي ذكرها جل في علاه من نفي هذه النقائص عنه.

قال تعالى: ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا[الإسراء: 111]، عظمه تعظيمًا كبيرًا فلا أعظم منه جل في علاه فهو المتصف بالكمالات –سبحانه وبحمده- له ما في السموات والأرض بيده ملكوت كل شيء له الأسماء الحسنى والصفات العلى –سبحانه وبحمده-، ومن عظمته وجلاله وكماله يسبح له ما في السموات وما في الأرض ينزهه ويقدسه ويعظمه ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

وقال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا[الفرقان: 1]، تبارك أي تعاظم تبارك وتعالى وعظمت بركاته –سبحانه وبحمده- وهذا لا يوصف به إلا الله، هذا الفعل لا يضاف إلا لله –جل وعلا-. قال –جلا وعلا- ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا[الفرقان: 1-2]، ثم قال في بيان نفي ما وصفه به الجاهلون: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ أي نزه الله نفسه عما يصف به الجاهلون ثم قال: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[المؤمنون: 91- 92]، عظمت صفاته وعظم شأنه وعلا قدره –سبحانه وبحمده- عن أن يكون له شريك في كمالاته أو في أسمائه أو في صفاته أو ما يجب له –سبحانه وبحمده-.

  

قال –رحمه الله- وقوله: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[النحل: 74]، أي لا تجعلوا له مثلًا؛ هذا معنى قوله: {فلا تضربوا لله الأمثال} فالله ليس له نظير ولا مثيل ولا كفء ولا ند ولا سمي –سبحانه وبحمده- وكلما وقع في قلبك شيء من مماثلة الله –عز وجل- لعباده أو لخلقه فاعلم أن الله منزه عن ذلك فاذكر قوله: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى: 11].

﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[الأعراف: 33]، وكل من جحد صفاته، أو أثبت له ما لا يثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله، فإنه قال على الله شيئًا بغير علم، ولذلك يقال له في بيان ما حرم الله تعالى ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾.

  

أن الله تعالى أثبت لنفسه الكمال مطلقًا ومفصلًا بذكر صفات الإثبات، كما أنه جل في علاه ذكر النفي مجملًا ومفصلًا، ذكر النفي مجملاً كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[الشورى: 11] ومفصلًا في قوله جل في علاه: ﴿مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا[الجن: 3] فهذا نفي مفصل ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ[الإسراء: 111] هذا نفي مفصل، والنفي المفصل لا يكون إلا لإثبات كماله –سبحانه وبحمده-.

كقوله تعالى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ[البقرة: 255] فإن هذا لإثبات كمال حياته وكمال قيوميته ليس في صفات الله –عز وجل- ما هو نفي محض، إنما النفي الذي جاء في صفات الله –عز وجل- هو لإثبات الكمال المطلق أو لنفي ما يعتقده الجاهلون في الله رب العالمين.


 

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق