الطريق الذي تحصل به بركة القرآن وعلومه وهداياته ليس فقط بمجرد تلاوته مع عدم التأمل والتدبر لما فيه، بل إن طريق تحصيل تلك الخيرات وطريقة تحصيل تلك الهدايات هو بتدبر القرآن والتفكر فيه والتأمل في دلالته ثم العمل بمقتضى ذلك، فإن ذلك يكشف وجوه الحق ويدل على الصراط المستقيم ويعرف بمواطن الهدى ومواقع الخير ويبعد عن الشر ويهدي للتي هي أقوم.
ولذلك يقول –رحمه الله-: "من تدبر القرآن" أي تفكر في معانيه وتأمل في مدلولاته.
"طالبا الهدى" تدبر مع نية صالحة وقصد سليم طالبًا الهدى وليس طالبًا الانتصار لنفسه ولا طالبًا تعزيز قوله إنما طالبا الهدى الذي جاء في القرآن، فإنه لابد أن يصل لذلك.
قال –رحمه الله-: "تبين له طريق الحق" "من تدبر القرآن طالبا للهدى منه تبين له طريق الحق" فكل من قرأ القرآن وضل إنما أُتي من واحد من أمرين أو من الأمرين جميعا؛ إما لسوء قصده، وإما لعدم علمه ومعرفته وتدبره وتفكره، فالضلال الذي يقع فيه الناس سواء في القرآن أو في السنة، إنما هو من سوء القصد وعدم صلاح النية، وإما من عند سلوك الطريق الموصل إلى الهداية.
فالقرآن يهدي للتي هي أقوم، يدل على الحق، يعرف الخلق بالهدى، لكن لابد لتحصيل ذلك من أمرين؛ التدبر، والتفكر، والتأمل لآياته، والفهم لمعاني القران، الثاني وهو لا يقل أهمية عن الأول حسن القصد، سلامة النية، أن يريد الإنسان بذلك الخير، فإن الله تعالى سيهديه ويوصله إلى مرضاته جل في علاه.
وبهذا يكون قد انتهى القسم الذي ذكره المؤلف –رحمه الله- لتقرير عقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته من كلام الله –عز وجل-.