وقوله –صلى الله عليه وسلم- في رقية المريض: «ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء، اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ» حديث حسن رواه أبو داود وغيره.
وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» حديث صحيح.
وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «والعرش فوق الماء، والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه» حديث حسن رواه أبو داود وغيره.
وقوله –صلى الله عليه وسلم-: للجارية «أين الله؟ قالت في السماء قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله قال –صلى الله عليه وسلم- أعتقها فإنها مؤمنة» رواه مسلم.
قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: في حديث رقية المريض وهو حديث في المسند والسنن في حديث أبي الدرداء «ربنا الله الذي في السماء»، السماء هنا المقصود بها العلو، فالله تعالى هو العلي الأعلى جل في علاه سبحانه وبحمده.
«تقدس اسمك» أي تنزه وعظم اسمك والاسم هنا ليس اسما بعينه بل جميع أسمائه مقدسة سبحانه وبحمده، كما قال سبحانه ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾[الأعراف: 180].
«أمرك في السماء» أي حكمك في السماء والأرض، فالأمر هنا هو الأمر الكوني الشامل لكل ما يكون في السماء والأرض.
«كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض» أي رحمتَ أهل السماء واتصفتَ بهذه الرحمة التي هي لك - سبحانك - فاجعل لنا رحمة من رحمتك في الأرض فقوله: «كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض» أي: أنزل من رحمتك على عبادك في الأرض ما تغنيهم به عمن سواك، وتوصل إليهم كل بر وتدفع عنهم كل شر.
«اغفر لنا حوبنا وخطايانا» اغفر لنا أي: تجاوز عنا عن كبير ذنوبنا وصغيرها؛ فالحوب هو: الذنب الكبير العظيم، والخطايا هي: المخالفات بترك الواجبات أو فعل المحرمات.
«أنت رب الطيبين» أي الذي توصل إليهم كل ما يحبون من الخير، فالربوبية هنا ربوبية خاصة تقتضي الإنعام والإكرام، والربوبية نوعان:
ربوبية عامة شاملة لكل الخلق الحمد لله رب العالمين، فهم مربوبون لله سبحانه.
وربوبية خاصة وهي ربوبية عباده الصالحين وأوليائه المتقين، وهي ما يتفضل به عليهم به من ألوان النعم والألطاف، ومنه قوله –صلى الله عليه وسلم- في هذه الرقية: «أنت رب الطيبين» ثم قال: «أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع» الوجَع هو المرض، والوجِع: المريض.
«فيبرأ» أي فيطيب ويشفى.
والشاهد منه قوله –صلى الله عليه وسلم-: «ربنا الذي في السماء تقدس اسمك».
قوله: «في السماء» أي في العلو.
وقوله –صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي سعيد وهو في الصحيحين: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» يعني الله –عز وجل-
وقوله: «في السماء» أي الله في العلو جل في علاه.
ثم ذكر حديث العرش قال: «والعرش فوق الماء والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه» سبحانه وبحمده.
وقوله للجارية: «أين الله؟» سأل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الجارية أين الله؟ فقالت بفطرتها وما علمته من هديات الشريعة: في السماء؛ أي في العلو.
قال: من أنا؟ فقالت: رسول الله فقال: أعتقها فإنها مؤمنة.
فأثبت لها الإيمان لصواب جوابها عن «أين الله؟» وعن: «من أنا؟» فقالت: الله في السماء وقالت: أنت رسول الله.
وهذه الأحاديث كلها دالة على إثبات صفة العلو لله –عز وجل- وهي صفة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة فقد اجتمع على إثبات هذه الصفة جميع أنواع الأدلة.